الْمُؤْمِنِينَ يُخْبِرُنِي رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم أَنَّ مَعَهَا كِتَاباً وَيَأْمُرُنِي بِأَخْذِهِ وَتَقُولُ لَا كِتَابَ مَعَهَا ثُمَّ اخْتَرَطَ سَيْفَهُ (١) وَقَالَ وَاللهِ لَئِنْ لَمْ تُخْرِجِي الْكِتَابَ لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَكِ فَقَالَتْ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَأَعْرِضْ عَنِّي حَتَّى أُخْرِجَهُ فَأَعْرَضَ بِوَجْهِهِ فَكَشَفَتْ وَجْهَهَا وَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عَقِيصَتِهَا (٢) فَأَخَذَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیهما السلام وَصَارَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ ص.
فَأَمَرَ أَنْ يُنَادَى بِالصَّلَاةَ جَامِعَةً فَنُودِيَ وَاجْتَمَعُوا ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ وَأَخَذَ الْكِتَابَ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي كُنْتُ سَأَلْتُ اللهَ عَزَّ اسْمُهُ أَنْ يُخْفِيَ أَخْبَارَنَا عَنْ قُرَيْشٍ وَإِنَّ رَجُلاً كَتَبَ إِلَى أَهْلِهِ يُخْبِرُهُمْ خَبَرَنَا فَلْيَقُمْ صَاحِبُ الْكِتَابِ وَإِلَّا فَضَحَهُ الْوَحْيُ فَلَمْ يَقُمْ أَحَدٌ فَأَعَادَ ثَانِيَةً فَقَامَ حَاطِبٌ وَهُوَ يَرْعُدُ كَالسَّعَفَةِ (٣) وَقَالَ أَنَا صَاحِبُ الْكِتَابِ وَمَا أَحْدَثْتُ نِفَاقاً بَعْدَ إِسْلَامِي وَلَا شَكّاً بَعْدَ يَقِينِي فَقَالَ لَهُ صلی الله علیه وسلم فَمَا الَّذِي حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّ لِي أَهْلاً بِمَكَّةَ وَلَا عَشِيرَةَ لِي بِهَا وَخِفْتُ أَنْ تَكُونَ الدَّائِرَةُ لَهُمْ عَلَيْنَا فَيَكُونُ الْكِتَابُ كَفّاً لَهُمْ عَنْ أَهْلِي وَيَداً لِي عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَكُنْ لِشَكٍّ مِنِّي فِي الدِّينِ فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللهِ مُرْنِي بِقَتْلِهِ فَقَدْ نَافَقَ فَقَالَ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ وَلَعَلَّ اللهَ اطَّلَعَ عَلَيْهِمْ فَغَفَرَ لَهُمْ أَخْرِجُوهُ مِنَ الْمَسْجِدِ فَجَعَلَ النَّاسُ يَدْفَعُونَهُ فِي ظَهْرِهِ وَيُخْرِجُونَهُ وَهُوَ يَلْتَفِتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ لِيَرِقَّ لَهُ فَرَدَّهُ وَقَالَ قَدْ عَفَوْتُ عَنْكَ فَاسْتَغْفِرْ رَبَّكَ وَلَا تَعُدْ لِمِثْلِ مَا جَنَيْتَ.
وهذه المنقبة لاحقة بمناقبه علیهما السلام وفيها من جده في إخراج الكتاب من الامرأة وعزيمته في ذلك وأن النبي صلی الله علیه وسلم لم يثق في ذلك إلا به وأنفذ الزبير معه لأنه في عداد بني هاشم من قبل أمه صفية بنت عبد المطلب فأراد أن يتولى سره أهله وكان للزبير شجاعة وفيه إقدام ونسبه متصل بنسب أمير المؤمنين علیهما السلام فعلم أنه يساعده على أمره وكان الزبير تابعا لعلي مع أنه خالف الصواب في تنزيهها من الكتاب فتدارك
________________
(١) اخترط السيف : أخرجه من غمده.
(٢) العقيصة : الشعر المقعوص اي المشدود في القفا ، وأصل العقص : اللى وادخال أطراف الشعر في أصوله.
(٣) السعفة : جريدة النخل.