اللهُ عَنْهَا فَأَشَارَتْ عَلَيْهِ بِالْمُبَايَعَةِ وَخَرَجَ بُسْرٌ إِلَى مَكَّةَ فَخَافَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ أَنْ يَقْتُلَهُ فَهَرَبَ وَأَكْرَهَ النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ وَسَارَ إِلَى الْيَمَنِ وَعَامِلُهَا مِنْ قِبَلِ عَلِيٍّ علیهما السلام عُبَيْدُ اللهِ بْنُ الْعَبَّاسِ فَهَرَبَ إِلَى عَلِيٍّ بِالْكُوفَةِ وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْيَمَنِ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ الْمَدَانِ الْحَارِثِيَّ فَأَتَاهُ بُسْرٌ فَقَتَلَهُ وَقَتَلَ ابْنَهُ وَقَتَلَ ابْنَيْنِ لِعُبَيْدِ اللهِ بْنِ الْعَبَّاسِ ـ وَكَانَا مُقِيمَيْنِ عِنْدَ شَخْصٍ بِالْبَادِيَةِ فَقَالَ أَيُّ ذَنْبٍ لَهُمَا إِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ قَاتِلَهُمَا فَاقْتُلْنِي فَقَتَلَهُ وَقِيلَ إِنَّهُ حَارَبَ دُونَهُمَا حَتَّى قُتِلَ وَكَانَ يُنْشِدُ
اللَّيْثُ مَنْ يَمْنَعُ حَافَاتِ الدَّارِ |
|
وَلَا يَزَالُ مُصْلِتاً دُونَ الْجَارِ |
وَخَرَجَتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ قَتَلْتَ الرِّجَالَ فَعَلَا مَ تَقْتُلُ الذُّرِّيَّةَ وَاللهِ مَا كَانُوا يُقْتَلُونَ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إِسْلَامٍ وَاللهِ يَا ابْنَ أَرْطَاةَ إِنَّ سُلْطَاناً لَا يَقُومُ إِلَّا بِقَتْلِ الصَّبِيِّ الصَّغِيرِ وَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَنَزْعِ الرَّحْمَةِ وَعُقُوقِ الْأَرْحَامِ لَسُلْطَانُ سَوْءٍ وَقَتَلَ بُسْرٌ فِي مَسِيرِهِ ذَلِكَ جَمَاعَةً مِنْ شِيعَةِ عَلِيٍّ بِالْيَمَنِ وَبَلَغَ عَلِيّاً الْخَبَرُ فَأَرْسَلَ حَارِثَةَ بْنَ قُدَامَةَ فِي أَلْفَيْ فَارِسٍ وَوَهْبَ بْنَ مَسْعُودٍ فِي أَلْفَيْنِ فَسَمِعَ بِهِمَا الْمَلْعُونُ بُسْرٌ فَهَرَبَ وَكَانَتْ أُمُّ الصَّبِيَّيْنِ الْمَقْتُولَيْنِ جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ فَارِطٍ وَقِيلَ عَائِشَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْمَدَانِ قَدْ وُلِهَتْ لَمَّا قُتِلَ وَلَدَاهَا فَلَا تَعْقِلُ وَلَا تُصْغِي وَلَا تَزَالُ تُنْشِدُهُمَا فِي الْمَوَاسِمِ وَتَقُولُ.
يَا مَنْ أَحَسَّ بِابْنَيِ اللَّذَيْنِ هُمَا |
|
كَالدُّرَّتَيْنِ تَشَظَّى عَنْهُمَا الصَّدَفُ |
يَا مَنْ أَحَسَّ بِابْنَيِ اللَّذَيْنِ هُمَا |
|
قَلْبِي وَسَمْعِي فَقَلْبِي الْيَوْمَ مُخْتَطَفٌ |
وَهِيَ أَبْيَاتٌ مَشْهُورَةٌ وَلَمَّا سَمِعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِقَتْلِهِمَا جَزِعَ جَزَعاً شَدِيداً وَدَعَا عَلَى بُسْرٍ فَقَالَ اللهُمَّ اسْلُبْهُ دِينَهُ وَعَقْلَهُ فَأَصَابَهُ ذَلِكَ وَفَقَدَ عَقْلَهُ وَكَانَ يُهْدِي بِالسَّيْفِ وَيَطْلُبُهُ فَيُؤْتَى بِسَيْفٍ مِنْ خَشَبٍ وَيُجْعَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ زِقٌّ مَنْفُوخٌ فَلَا يَزَالُ يَضْرِبُهُ فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى مَاتَ.
وَلَمَّا اسْتَقَرَّ الْأَمْرُ لِمُعَاوِيَةَ دَخَلَ عَلَيْهِ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ الْعَبَّاسِ وَعِنْدَهُ بُسْرُ بْنُ أَرْطَاةَ فَقَالَ وَدِدْتُ أَنَّ الْأَرْضَ أَنْبَتَتْنِي عِنْدَكَ حِينَ قَتَلْتَ وَلَدَيَّ فَقَالَ بُسْرٌ هَاكَ
________________
(١) تشظي الشيء : تشقق.