الشَّهَادَةِ وَيَسْتَغْفِرُ.
وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ عَلَى الْمِنْبَرِ ـ : أَنَا عَبْدُ اللهِ وَأَخُو رَسُولِ اللهِ وَرِثْتُ نَبِيَّ الرَّحْمَةِ وَنَكَحْتُ سَيِّدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَنَا سَيِّدُ الْوَصِيِّينَ وَآخِرُ أَوْصِيَاءِ النَّبِيِّينَ لَا يَدَّعِي ذَلِكَ غَيْرِي إِلَّا أَصَابَهُ اللهُ بِسُوءٍ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ عَبْسٍ مَنْ لَا يُحْسِنُ أَنْ يَقُولَ هَذَا أَنَا عَبْدُ اللهِ وَأَخُو رَسُولِ اللهِ فَلَمْ يَبْرَحْ مِنْ مَكَانِهِ حَتَّى تَخَبَّطَهُ الشَّيْطَانُ فَجَرَّ بِرِجْلِهِ إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَسَأَلْنَا قَوْمَهُ هَلْ تَعْرِفُونَ بِهِ عَرْضاً قَبْلَ هَذَا قَالُوا اللهُمَّ لَا.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا نَقَلْتُهُ مِنْ كِتَابِ لُطْفِ التَّدْبِيرِ صَنْعَةِ الشَّيْخِ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْخَطِيبِ قَالَ حُكِيَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ لِجُلَسَائِهِ بَعْدَ الْحُكُومَةِ كَيْفَ لَنَا أَنْ نَعْلَمَ مَا تَئُولُ إِلَيْهِ الْعَاقِبَةُ فِي أَمْرِنَا قَالَ جُلَسَاؤُهُ مَا نَعْلَمُ لِذَلِكَ وَجْهاً قَالَ فَأَنَا أَسْتَخْرِجُ عِلْمَ ذَلِكَ مِنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَقُولُ الْبَاطِلَ فَدَعَا ثَلَاثَةَ رِجَالٍ مِنْ ثِقَاتِهِ وَقَالَ لَهُمْ امْضُوا حَتَّى تَصِيرُوا جَمِيعاً مِنَ الْكُوفَةِ عَلَى مَرْحَلَةٍ ثُمَّ تَوَاطَوْا عَلَى أَنْ تَنْعَوْنِي بِالْكُوفَةِ (١) وَلْيَكُنْ حَدِيثُكُمْ وَاحِداً فِي ذِكْرِ الْعِلَّةِ وَالْيَوْمِ وَالْوَقْتِ وَمَوْضِعِ الْقَبْرِ وَمَنْ تَوَلَّى الصَّلَاةَ عَلَيَّ وَغَيْرَ ذَلِكَ حَتَّى لَا تَخْتَلِفُوا فِي شَيْءٍ ثُمَّ لْيَدْخُلْ أَحَدُكُمْ فَلْيُخْبِرْ بِوَفَاتِي ثُمَّ لْيَدْخُلِ الثَّانِي فَيُخْبِرُ بِمِثْلِهِ ثُمَّ لْيَدْخُلِ الثَّالِثُ فَيُخْبِرُ بِمِثْلِ خَبَرِ صَاحِبِهِ وَانْظُرُوا مَا يَقُولُ عَلِيٌّ.
فَخَرَجُوا كَمَا أَمَرَهُمْ مُعَاوِيَةُ ثُمَّ دَخَلَ أَحَدُهُمْ وَهُوَ رَاكِبٌ مُغِذٌّ شَاحِبٌ (٢) فَقَالَ لَهُ النَّاسُ بِالْكُوفَةِ مِنْ أَيْنَ جِئْتَ قَالَ مِنَ الشَّامِ قَالُوا لَهُ الْخَبَرَ قَالَ مَاتَ مُعَاوِيَةُ فَأَتَوْا عَلِيّاً علیهما السلام فَقَالُوا رَجُلٌ رَاكِبٌ مِنَ الشَّامِ يُخْبِرُ بِمَوْتِ مُعَاوِيَةَ فَلَمْ يَحْفِلْ عَلِيٌّ علیهما السلام بِذَلِكَ (٣) ثُمَّ جَاءَ آخَرُ مِنَ الْغَدِ وَهُوَ مُغِذٌّ فَقَالَ لَهُ النَّاسُ مَا الْخَبَرُ فَقَالَ مَاتَ مُعَاوِيَةُ وَخَبَّرَ بِمِثْلِ مَا خَبَّرَ صَاحِبُهُ فَأَتَوْا عَلِيّاً علیهما السلام فَقَالُوا رَجُلٌ رَاكِبٌ آخَرُ يُخْبِرُ مِنْ مَوْتِ مُعَاوِيَةَ بِمِثْلِ مَا خَبَّرَ صَاحِبُهُ وَلَمْ يَخْتَلِفْ كَلَامُهُمَا
________________
(١) أي تخبروا بموتى.
(٢) غذ في السير : اسرع. الشاحب : المتغير اللون.
(٣) أي لم يبال عليه السلام به.