يَا بُنَيَّ إِنَّ مِنَ الْبَلَاءِ الْفَاقَةَ وَأَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ مَرَضُ الْبَدَنِ وَأَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ مَرَضُ الْقَلْبِ وَإِنَّ مِنَ النِّعَمِ سَعَةُ الْمَالِ وَأَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ صِحَّةُ الْبَدَنِ وَأَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ تَقْوَى الْقُلُوبِ.
يَا بُنَيَّ لِلْمُؤْمِنِ ثَلَاثُ سَاعَاتٍ سَاعَةٌ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ وَسَاعَةٌ يُحَاسِبُ فِيهَا نَفْسَهُ وَسَاعَةٌ يُخَلِّي فِيهَا بَيْنَ نَفْسِهِ وَلَذَّتِهَا فِيمَا يَحِلُّ وَيَجْمُلُ وَلَيْسَ لِلْمُؤْمِنِ بُدٌّ مِنْ أَنْ يَكُونَ شَاخِصاً فِي ثَلَاثٍ (١) مَرَمَّةٍ لِمَعَاشٍ أَوْ خُطْوَةٍ لِمَعَادٍ أَوْ لَذَّةٍ فِي غَيْرِ مُحَرَّمٍ.
وَعَنْ مِيثَمٍ التَّمَّارِ رَحِمَهُ اللهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُهُ وَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ أَبْسَطَ فَذَكَرْتُهُ قَالَ تَمَسَّيْنَا لَيْلَةً عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیهما السلام فَقَالَ لَنَا لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ امْتَحَنَ اللهُ قَلْبَهُ لِلْإِيمَانِ إِلَّا أَصْبَحَ يَجِدُ مَوَدَّتَنَا عَلَى قَلْبِهِ وَلَا أَصْبَحَ عَبْدٌ مِمَّنْ سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِ إِلَّا يَجِدُ بُغْضَنَا عَلَى قَلْبِهِ وَأَصْبَحْنَا نَفْرَحُ بِحُبِّ الْمُحِبِّ لَنَا وَنَعْرِفُ بُغْضَ الْمُبْغِضِ لَنَا وَأَصْبَحَ مُحِبُّنَا مُغْتَبَطاً بِحُبِّنَا بِرَحْمَةٍ مِنَ اللهِ يَنْتَظِرُهَا كُلَّ يَوْمٍ وَأَصْبَحَ مُبْغِضُنَا يُؤَسِّسُ (بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ) فَكَانَ ذَلِكَ الشَّفَا قَدِ انْهَارَ (بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ) وَكَانَ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ قَدْ فُتِحَتْ لِأَهْلِ الرَّحْمَةِ فَهَنِيئاً لَهُمْ رَحْمَتُهُمْ وَتَعْساً لِأَهْلِ النَّارِ وَمَثْوَاهُمْ إِنَّ عَبْداً لَنْ يُقَصِّرَ فِي حُبِّنَا لِخَيْرٍ جَعَلَهُ اللهُ فِي قَلْبِهِ وَلَنْ يُحِبَّنَا مَنْ يُحِبُّ مُبْغِضَنَا إِنَّ ذَلِكَ لَا يَجْتَمِعُ فِي قَلْبٍ وَاحِدٍ وَ (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) يُحِبُّ بِهَذَا قَوْماً وَيُحِبُّ بِالْآخَرِ عَدُوَّهُمْ وَالَّذِي يُحِبُّنَا فَهُوَ يُخْلِصُ حُبَّنَا كَمَا يُخْلِصُ الذَّهَبَ الَّذِي لَا غِشَّ فِيهِ نَحْنُ النُّجَبَاءُ وَأَفْرَاطُنَا أَفْرَاطُ الْأَنْبِيَاءِ وَأَنَا وَصِيُّ الْأَوْصِيَاءِ وَأَنَا حِزْبُ اللهِ وَرَسُولِهِ وَالْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ حِزْبُ الشَّيْطَانِ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَمْتَحِنَ (٢) حَالَهُ فِي حُبِّنَا فَلْيَمْتَحِنْ قَلْبَهُ فَإِنْ وَجَدَ فِيهِ حُبَّ مَنْ أَلَّبَ عَلَيْنَا (٣) فَلْيَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَدُوُّهُ وَجَبْرَئِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَاللهُ (عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ).
وَعَنْ أَبِي سُخَيْلَةَ قَالَ حَجَجْتُ أَنَا وَسَلْمَانُ فَمَرَرْنَا بِالرَّبَذَةِ وَجَلَسْنَا إِلَى أَبِي
________________
(١) قال ابن الأثير : يقال للرجل إذا أتاه ما يقلقه قد شخص به كأنّه رفع من الأرض لقلقه وانزعاجه ؛ ومنه شخوص المسافر : خروجه عن منزله ومنه حديث أبي أيّوب فلم يزل شاخصا في سبيل اللّه.
(٢) وفي بعض النسخ «أن يعرف».
(٣) أي جمع الناس علينا ، من ألبّ الإبل والجيش : جمعهم.