وَنَقَلْتُ مِنْ أَمَالِي الطُّوسِيِّ رَحِمَهُ اللهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبٌ مِنْهُ قَالَ بَلَغَ أُمَّ سَلَمَةَ أَنَّ عَبْداً لَهَا يَنْتَقِصُ عَلِيّاً علیهما السلام وَيَتَنَاوَلُهُ فَأَحْضَرَتْهُ وَقَالَتْ يَا بُنَيَّ سَمِعْتُ عَنْكَ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَتْ اجْلِسْ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ حَتَّى أُحَدِّثَكَ بِحَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم ثُمَّ اخْتَرْ لِنَفْسِكَ إِنَّهُ كَانَتْ لَيْلَتِي وَيَوْمِي مِنْ رَسُولِ اللهِ فَأَتَيْتُ الْبَابَ فَقُلْتُ أَدْخُلُ يَا رَسُولَ اللهِ فَقَالَ لَا فَكَبَوْتُ كَبْوَةً شَدِيدَةً (١) مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ رَدَّنِي مِنْ سَخَطِهِ أَوْ نَزَلَ فِيَّ شَيْءٌ مِنَ السَّمَاءِ ثُمَّ جِئْتُ ثَانِيَةً فَجَرَى مَا جَرَى فِي الْأُولَى فَأَتَيْتُ الثَّالِثَةَ فَأَذِنَ لِي فَقَالَ ادْخُلِي فَدَخَلْتُ وَعَلِيٌّ علیهما السلام جَاثٍ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ إِذَا كَانَ كَذَا وَكَذَا فَمَا تَأْمُرُنِي قَالَ آمُرُكَ بِالصَّبْرِ فَأَعَادَ الْقَوْلَ ثَانِيَةً وَهُوَ يَأْمُرُهُ بِالصَّبْرِ فَأَعَادَ الثَّالِثَةَ فَقَالَ يَا عَلِيُّ إِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُمْ فَسُلَّ سَيْفَكَ وَضَعْهُ عَلَى عَاتِقِكَ وَاضْرِبْ قُدُماً قُدُماً حَتَّى تَلْقَانِي وَسَيْفُكَ شَاهِرٌ يَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ.
ثُمَّ الْتَفَتَ علیهما السلام إِلَيَّ فَقَالَ مَا هَذِهِ الْكَآبَةُ يَا أُمَّ سَلَمَةَ؟ (٢) قُلْتُ لِمَا كَانَ مِنْ رَدِّكَ إِيَّايَ يَا رَسُولَ اللهِ فَقَالَ وَاللهِ مَا رَدَدْتُكِ عَنْ مَوْجِدَةٍ وَإِنَّكِ لَعَلَى خَيْرٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَلَكِنْ أَتَيْتِنِي وَجَبْرَئِيلُ عَنْ يَمِينِي وَعَلِيٌّ عَنْ يَسَارِي وَجَبْرَئِيلُ يُخْبِرُنِي بِالْأَحْدَاثِ الَّتِي تَكُونُ بَعْدِي وَأَمَرَنِي أَنْ أُوصِيَ بِذَلِكِ عَلِيّاً.
يَا أُمَّ سَلَمَةَ اسْمَعِي وَاشْهَدِي هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَخِي فِي الدُّنْيَا وَأَخِي فِي الْآخِرَةِ يَا أُمَّ سَلَمَةَ اسْمَعِي وَاشْهَدِي هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَزِيرِي فِي الدُّنْيَا وَوَزِيرِي فِي الْآخِرَةِ يَا أُمَّ سَلَمَةَ اسْمَعِي وَاشْهَدِي هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ حَامِلُ لِوَائِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَحَامِلُ لِوَاءِ الْحَمْدِ فِي الْآخِرَةِ (٣) يَا أُمَّ سَلَمَةَ اسْمَعِي وَاشْهَدِي هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَصِيِّي وَخَلِيفَتِي مِنْ بَعْدِي وَقَاضِي عِدَاتِي وَالذَّائِدُ عَنْ حَوْضِي يَا أُمَّ سَلَمَةَ اسْمَعِي وَاشْهَدِي هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ سَيِّدُ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامُ الْمُتَّقِينَ وَقَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ وَقَاتِلُ النَّاكِثِينَ وَالْقَاسِطِينَ وَالْمَارِقِينَ
________________
(١) كبا لوجهه : انكب ، والكبوة : اسم منه.
(٢) الكآبة : الحزن والغم.
(٣) وفي نسخة «غدا في القيامة».