الموجبات لاستئصاله هذا حال من عمل الكتاب من أجله.
فأما جامعه فقد حكى ياقوت الحموي في كتابه معجم الأدباء كلاما هذا مختصره الزبير بن بكار بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام يكنى أبا عبد الله الكثير العلم الغزير الفهم أعلم الناس قاطبة بأخبار قريش وأنسابها ومآثرها وأشعارها ولد ونشأ بالحجاز ومات بمكة في ذي القعدة سنة ست وخمسين ومائتين عن أربع وثمانين سنة وكان أبوه على قضاء مكة وولاه المتوكل القضاء بها بعد أبيه ومات وهو قاضيها ودخل بغداد عدة دفعات آخرها سنة ثلاث وخمسين ومائتين وكان فتى في شعره ومروته وبطالته مع سنه وعفافه ومثل هذا على صدقه عندهم إذا روى شيئا يكون صحيحا قطعا لأن الزمان قديم والمخبر صدوق والمصنف له متعنت وكيف يقدم على تصنيف كتابه باسمه وفيه ما يناقض مذهبه ويخالف عقيدته ويجبهه برده عليه ما قد عقد عليه خنصره وجعله دينه الذي يرجو به الفوز في آخرته.
حَدَّثَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَمِّي مُصْعَبٌ عَنْ جَدِّي عَبْدِ اللهِ بْنِ مُصْعَبٍ قَالَ تَقَدَّمَ وَكِيلُ الْمُونِسَةِ إِلَى شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْقَاضِي مَعَ خَصْمٍ لَهُ فَإِذَا الْوَكِيلُ مُدِلٌّ بِمَوْضِعِهِ مِنْ مُونِسَةَ (١) فَجَعَلَ يَسْطُو عَلَى خَصْمِهِ وَيُغَلِّظُ لَهُ فَقَالَ لَهُ شَرِيكٌ كُفَّ لَا أُمَّ لَكَ فَقَالَ أَوَتَقُولُ لِي هَذَا وَأَنَا قَهْرَمَانُ مُونِسَةَ فَقَالَ يَا غُلَامُ اصْفَعْهُ فَصَفَعَهُ عَشْرَ صَفَعَاتٍ (٢) فَانْصَرَفَ بِخِزْيٍ فَدَخَلَ عَلَى مُونِسَةَ فَشَكَا إِلَيْهَا مَا صَنَعَ بِهِ فَكَتَبَتْ رُقْعَةً إِلَى الْمَهْدِيِّ تَشْكُو شَرِيكاً وَمَا صَنَعَ بِوَكِيلِهَا فَعَزَلَهُ وَكَانَ قَبْلَ هَذَا قَدْ دَخَلَ إِلَيْهِ فَأَغْلَظَ لَهُ الْكَلَامَ وَقَالَ لَهُ مَا مِثْلُكَ مَنْ يُوَلِّي أَحْكَامَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ وَلِمَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ لِخِلَافِكَ الْجَمَاعَةَ وَلِقَوْلِكَ بِالْإِمَامَةِ قَالَ مَا أَعْرِفُ دِيناً إِلَّا عَنِ الْجَمَاعَةِ فَكَيْفَ أُخَالِفُهَا وَعَنْهَا أَخَذْتُ دِينِي وَأَمَّا الْإِمَامَةُ فَمَا أَعْرِفُ إِمَاماً إِلَّا كِتَابَ اللهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ صلی الله علیه وسلم فَهُمَا إِمَامَايَ وَعَلَيْهِمَا عَقْدِي فَأَمَّا مَا ذَكَرَ
________________
(١) القهرمان : الوكيل أو امين الدخل والخرج.
(٢) صفعه صفعا : ضرب قفاه أو بدنه بكفه مبسوطة.