يَدِهِ ثُمَّ صَرَعَهُ وَأَخَذَ السَّيْفَ مِنْ يَدِهِ وَجَاءَ بِهِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ صلی الله علیه وسلم وَأَفْلَتَ الثَّالِثُ فَانْسَلَّ بَيْنَ النَّاسِ (١) وَلَمَّا دَخَلَ ابْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللهُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیهما السلام نَظَرَ إِلَيْهِ ثُمَّ قَالَ (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) إِنْ أَنَا مِتُّ فَاقْتُلُوهُ كَمَا قَتَلَنِي وَإِنْ سَلِمْتُ رَأَيْتُ فِيهِ رَأْيِي فَقَالَ ابْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللهُ وَاللهِ لَقَدِ ابْتَعْتُهُ بِأَلْفٍ وَسَمَمْتُهُ بِأَلْفٍ فَإِنْ خَانَنِي فَأَبْعَدَهُ اللهُ قَالَ وَنَادَتْهُ أُمُّ كُلْثُومٍ يَا عَدُوَّ اللهِ قَتَلْتَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ إِنَّمَا قَتَلْتُ أَبَاكَ قَالَتْ يَا عَدُوَّ اللهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ بَأْسٌ فَقَالَ لَهَا فَأَرَاكِ إِنَّمَا تَبْكِينَ عَلَيَّ إِذًا وَاللهِ لَقَدْ ضَرَبْتُهُ ضَرْبَةً لَوْ قُسِمَتْ عَلَى أَهْلِ الْمِصْرِ لَأَهْلَكَتْهُمْ فَأُخْرِجَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَإِنَّ النَّاسَ لَيَنْهَشُونَ لَحْمَهُ بِأَسْنَانِهِمْ (٢) كَأَنَّهُمْ سِبَاعٌ وَهُمْ يَقُولُونَ يَا عَدُوَّ اللهِ مَا ذَا فَعَلْتَ أَهْلَكْتَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَقَتَلْتَ خَيْرَ النَّاسِ وَإِنَّهُ لَصَامِتٌ مَا يَنْطِقُ وَجَاءَ النَّاسُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالُوا مُرْنَا بِأَمْرِكَ فِي عَدُوِّ اللهِ فَقَدْ أَهْلَكَ الْأُمَّةَ وَأَفْسَدَ الْمِلَّةَ فَقَالَ لَهُمْ إِنْ عِشْتُ رَأَيْتُ فِيهِ رَأْيِي وَإِنْ هَلَكْتُ فَاصْنَعُوا بِهِ مَا يَصْنَعُ بِقَاتِلِ النَّبِيِّ اقْتُلُوهُ ثُمَّ حَرِّقُوهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالنَّارِ. وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي مُسْنَدِهِ قَالَ لَمَّا ضَرَبَ ابْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللهُ عَلِيّاً علیهما السلام الضَّرْبَةُ قَالَ عَلِيٌّ افْعَلُوا بِهِ كَمَا أَرَادَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم أَنْ يَفْعَلَ بِرَجُلٍ أَرَادَ قَتْلَهُ فَقَالَ اقْتُلُوهُ ثُمَّ حَرِّقُوهُ فَلَمَّا قَضَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیهما السلام نَحْبَهُ وَفَرَغَ أَهْلُهُ مِنْ دَفْنِهِ جَلَسَ الْحَسَنُ علیهما السلام وَأَمَرَ أَنْ يُؤْتَى بِابْنِ مُلْجَمٍ فَجِيءَ بِهِ فَلَمَّا وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ يَا عَدُوَّ اللهِ قَتَلْتَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَعْظَمْتَ الْفَسَادَ فِي الدِّينِ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ وَاسْتَوْهَبَتْ أُمُّ الْهَيْثَمِ بِنْتُ الْأَسْوَدِ النَّخَعِيَّةُ جِيفَتَهُ مِنْهُ لِتَتَوَلَّى إِحْرَاقَهَا فَوَهَبَهَا لَهَا فَأَحْرَقَتْهَا بِالنَّارِ.
وَأَمَّا الرَّجُلَانِ اللَّذَانِ كَانَا مَعَ ابْنِ مُلْجَمٍ فِي الْعَقْدِ عَلَى قَتْلِ مُعَاوِيَةَ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَإِنَّ أَحَدَهُمَا ضَرَبَ مُعَاوِيَةَ وَهُوَ رَاكِعٌ فَوَقَعَتْ ضَرَبْتُهُ فِي أَلْيَتِهِ وَنَجَا مِنْهَا وَأُخِذَ فَقُتِلَ مِنْ وَقْتِهِ وَأَمَّا الْآخَرُ فَإِنَّهُ وَافَى عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَقَدْ وَجَدَ عِلَّةً فَاسْتَخْلَفَ رَجُلاً يُصَلِّي بِالنَّاسِ يُقَالُ لَهُ خَارِجَةُ بْنُ أَبِي حَبِيبَةَ الْعَامِرِيُّ فَضَرَبَهُ
________________
(١) أفلت اي خلص. وانسل من الرخام : انطلق في استخفاء.
(٢) نهشه : عضه أو أخذه بأضراسه.