مِنَ الْعَزِيمَةِ عَلَى قَتْلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَوَاطَأَهُمْ عَلَيْهِ وَحَضَرَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ لِمَعُونَتِهِمْ عَلَى مَا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ وَكَانَ حُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ رَحِمَهُ اللهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ بَائِتاً فِي الْمَسْجِدِ فَسَمِعَ الْأَشْعَثَ يَقُولُ لِابْنِ مُلْجَمٍ النَّجَا النَّجَا بِحَاجَتِكَ (١) فَقَدْ فَضَحَكَ الصُّبْحُ فَأَحَسَّ حُجْرٌ بِمَا أَرَادَ الْأَشْعَثُ فَقَالَ لَهُ قَتَلْتَهُ يَا أَعْوَرُ وَخَرَجَ مُبَادِراً لِيَمْضِيَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ لِيُخْبِرَهُ الْخَبَرَ وَيُحَذِّرَهُ الْقَوْمَ فَخَالَفَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیهما السلام (٢) فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَسَبَقَهُ ابْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللهُ فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ وَأَقْبَلَ حُجْرٌ وَالنَّاسُ يَقُولُونَ قُتِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ـ.
وَقَالَ الْمُفِيدُ رَحِمَهُ اللهُ وَهَرَبَ الْقَوْمُ نَحْوَ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ وَتَبَادَرَ النَّاسُ لِأَخْذِهِمْ فَأَمَّا شَبِيبُ بْنُ بَجْرَةَ فَأَخَذَهُ رَجُلٌ وَصَرَعَهُ وَجَلَسَ عَلَى صَدْرِهِ وَأَخَذَ السَّيْفَ مِنْ يَدِهِ لِيَقْتُلَهُ فَرَأَى النَّاسَ يَقْصِدُونَ نَحْوَهُ فَخَشِيَ أَنْ يُعَجِّلُوا عَلَيْهِ وَلَا يَسْمَعُوا مِنْهُ فَوَثَبَ عَنْ صَدْرِهِ وَخَلَاهُ وَطُرِحَ السَّيْفُ عَنْ يَدِهِ وَمَضَى شَبِيبٌ هَارِباً حَتَّى دَخَلَ مَنْزِلَهُ وَدَخَلَ عَلَيْهِ ابْنُ عَمٍّ لَهُ فَرَآهُ يَحِلُّ الْحَرِيرَ عَنْ صَدْرِهِ فَقَالَ لَهُ مَا هَذَا لَعَلَّكَ قَتَلْتَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَأَرَادَ أَنْ يَقُولَ لَا فَقَالَ نَعَمْ فَمَضَى ابْنُ عَمِّهِ فَاشْتَمَلَ عَلَى سَيْفِهِ ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ فَضَرَبَهُ حَتَّى قَتَلَهُ.
وَأَمَّا ابْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللهُ فَإِنَّ رَجُلاً مِنْ هَمْدَانَ لَحِقَهُ فَطَرَحَ عَلَيْهِ قَطِيفَةً كَانَتْ فِي
________________
* شجاعته في وقعة القتال على الماء وثباته في الحرب مع عسكر معاوية قبل رفع المصاحف على الرماح معروفة في كتب التواريخ. لكن الشيطان استحوذ عليه وصار من الخوارج وأعداء عليّ عليه السلام وقد ورثت ولده الخباثة والشقاوة والسعي في اهلاك آل الرسول وفت أفلاذ كبد البتول من أبيهم فهذه جعدة ابنته زوجة الإمام الحسن بن عليّ عليه السلام وهي التي سفته السم فمات منه كما ذكره ابن الأثير في أسد الغابة وغيره في غيره ، وهذا ابنه محمّد بن الأشعث الذي سار مع عمر بن سعد إلى كربلا وصار من قتلة سيد الشهداء عليه آلاف التحية والثناء فعليهم لعائن اللّه والملائكة والناس أجمعين.
(١) نجا نجاء في الامر : اسرع وسبق. وقولهم النجاء النجاء اي اسرع اسرع
(٢) أي في الطريق.