ركابه (١) وأي معقل عز ما فتح بابه وأي منار مجد ما امتطى غاربه (٢) وأي أمد جلال ما حاز مشارقه ومغاربه أحاطت به الرئاسة من كل جهاته وظهرت السماحة والحماسة من صلاته (٣) وصولاته وبذ النظراء ولا نظير له في دينه المتين وصلواته وجرى بإرادة الله ورسوله في حركاته وسكناته فعفافه وطهارته متساويان في منامه ويقظاته سيف الله وحجته وصراطه المستقيم ومحجته وما ذا عسى أن أقول وفي أي جلباب أوصافه أجول وفي أي نعوته أطلق لساني وبأي روية أفكر فيما له من المعاني وأين ثمرات سوده من يد الجاني وما قصرت عنها إلا وغيري مقصر ولا قهقرت إلا وغيري مقهقر وما اعتذرت إلا في موضع الاعتذار ولا ثنيت جواد بلاغتي إلا بعد أن قصرت الجياد في هذا المضمار وحبي يقتضي المبالغة في الإكثار وصعوبة هذه السبيل تحملني على الاقتصار وما أشبه الحال بقول من قال
أحبك حبا لو يفض يسيره |
|
على الخلق مات الخلق من شدة الحب |
وأعلم أني بعد ذاك مقصر |
|
لأنك في أعلى المراتب من قلبي |
فالبيت الثاني وصف حالي ومن الله ذي المعالي أسأل أن يجعل ما اعتمدته في جميع هذا الكتاب خالصا لوجهه الكريم وموجبا لإحسانه العميم وامتنانه الجسيم فبه تعالى وتقدس اهتدينا إلى محبتهم وإليه جل وعلا نتقرب بمودتهم وهم الأدلاء على الكريم والهداة إلى نهجه القويم وصراطه المستقيم والملازمة واضحة الدليل (وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ).
________________
(١) فرع الجبل : صعده. وافترع بمعناه. وافترع البكر : أزال بكارتها. والهضاب : أعالي الجبل. والافضاء : الوصول إلى الشئ. وافضى إلى المرأة غشيها وقيل : إذا خلا بها افضى غشى أو لم يغش ، وكأنّ من هذا الباب افضاء المرأة لمن جعل مسلكها مسلكا واحد وفي الكلام استعارة لطيفة لا تخفى على المتأمل.
(٢) امتطى الشيء. جعلها مطية وركبها. والغارب : الكاهل وهو ما بين الكتفين أو موصل العنق في الصلب.
(٣) إشارة إلى قصة اعطائه الخاتم في الركوع ونزول آية«إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ»الخ