وَطَوَاهُ (١) وَهُوَ حَامِلُ جَرٍّ مَمْلُوءاً مَاءً عَلَى مُطَاهُ (٢) وَحَالُهُ يَعْطِفُ عَلَيْهِ الْقُلُوبَ الْقَاسِيَةَ عِنْدَ مَرْآهُ فَاسْتَوْقَفَ الْحَسَنَ علیهما السلام وَقَالَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ أَنْصِفْنِي فَقَالَ علیهما السلام فِي أَيِّ شَيْءٍ فَقَالَ جَدُّكَ يَقُولُ الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَجَنَّةُ الْكَافِرِ وَأَنْتَ مُؤْمِنٌ وَأَنَا كَافِرٌ فَمَا أَرَى الدُّنْيَا إِلَّا جَنَّةً لَكَ تَتَنَعَّمُ بِهَا وَتَسْتَلِذُّ فِيهَا وَمَا أَرَاهَا إِلَّا سِجْناً لِي قَدْ أَهْلَكَنِي ضُرُّهَا وَأَتْلَفَنِي فَقْرُهَا.
فَلَمَّا سَمِعَ الْحَسَنُ علیهما السلام كَلَامَهُ أَشْرَقَ عَلَيْهِ نُورُ التَّأْيِيدِ وَاسْتَخْرَجَ الْجَوَابَ بِفَهْمِهِ مِنْ خِزَانَةِ عِلْمِهِ وَأَوْضَحَ لِلْيَهُودِيِّ خَطَأَ ظَنِّهِ وَخَطَلَ زَعْمِهِ وَقَالَ يَا شَيْخُ لَوْ نَظَرْتَ إِلَى مَا أَعَدَّ اللهُ لِي وَلِلْمُؤْمِنِينَ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ مِمَّا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ لَعَلِمْتَ أَنِّي قَبْلَ انْتِقَالِي إِلَيْهِ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا فِي سِجْنٍ ضَنْكٍ وَلَوْ نَظَرْتَ إِلَى مَا أَعَدَّ اللهُ لَكَ وَلِكُلِّ كَافِرٍ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ مِنْ سَعِيرِ نَارِ الْجَحِيمِ وَنَكَالِ عَذَابِ الْمُقِيمِ لَرَأَيْتَ أَنَّكَ قَبْلَ مَصِيرِكَ إِلَيْهِ الْآنَ فِي جَنَّةٍ وَاسِعَةٍ وَنِعْمَةٍ جَامِعَةٍ.
فانظر إلى هذا الجواب الصادع بالصواب كيف قد تفجرت بمستعذبه عيون علمه وأينعت بمستغربه فنون فهمه فيا له جوابا ما أمتنه وصوابا ما أبينه وخطابا ما أحسنه صدر عن علم مقتبس من مشكاة نور النبوة وتأييد موروث من آثار معالم الرسالة هذا آخر كلام ابن طلحة.
" نَقَلْتُ مِنْ كِتَابِ مَعَالِمِ الْعِتْرَةِ الطَّاهِرَةِ لِلْجَنَابِذِيِّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَرْثِ قَالَ مَرَّ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم مَعَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِذْ رَأَى الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ علیهما السلام وَهُوَ يَلْعَبُ فَأَخَذَهُ فَحَمَلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ فَقَالَ بِأَبِي شَبِيهُ النَّبِيِّ لَا شَبِيهاً بِعَلِيٍّ قَالَ وَعَلِيٌّ علیهما السلام يَتَبَسَّمُ. " وَعَنِ ابْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ علیهما السلام أَشْبَهَهُمْ بِرَسُولِ اللهِ ص.
" وَعَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي جُحَيْفَةَ هَلْ رَأَيْتَ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم قَالَ نَعَمْ وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ علیهما السلام يُشْبِهُهُ صلی الله علیه وسلم
________________
(١) الطوى : الجوع. ولعلّ المراد بالطوى ثانيا ما انطوى عليه بطنه من الأحشاء والأمعاء.
(٢) الجر : الاناء من خزف. والمطا : الظهر.