وَالْكَافِرَ يَتَمَتَّعُ.
وَكَانَ يَتْلُو بَعْدَ هَذِهِ الْمَوْعِظَةِ (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى).
فتدبر معاني هذا الكلام بفكرك وأعطه نصيبا وافرا من فهمك تجد مشرع العبادة والفصاحة نميرا (١) ويتحقق قوله تعالى (ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ) إن وجدت قلبا عقولا وطرفا بصيرا.
وَرَوَى الْكُلَيْنِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى مَرْفُوعاً عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ علیهما السلام قَالَ خَرَجَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ علیهما السلام إِلَى مَكَّةَ سَنَةً مَاشِياً فَوَرِمَتْ قَدَمَاهُ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ مَوَالِيهِ لَوْ رَكِبْتَ لَيَسْكُنُ عَنْكَ هَذَا الْوَرَمُ فَقَالَ كَلَّا إِذَا أَتَيْنَا هَذَا الْمَنْزِلَ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُكَ أَسْوَدُ وَمَعَهُ دُهْنٌ فَاشْتَرِ مِنْهُ وَلَا تُمَاكِسْهُ (٢) فَقَالَ لَهُ مَوْلَاهُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي مَا قَدِمْنَا مَنْزِلاً فِيهِ أَحَدٌ يَبِيعُ هَذَا الدَّوَاءَ قَالَ بَلَى إِنَّهُ أَمَامَكَ دُونَ الْمَنْزِلِ فَسَارُوا أَمْيَالاً فَإِذَا هُمْ بِالْأَسْوَدِ فَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ علیهما السلام لِمَوْلَاهُ دُونَكَ الرَّجُلَ فَخُذْ مِنْهُ الدُّهْنَ وَأَعْطِهِ الثَّمَنَ فَقَالَ لَهُ الْأَسْوَدُ يَا غُلَامُ لِمَنْ أَرَدْتَ هَذَا الدُّهْنَ فَقَالَ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ علیهما السلام فَقَالَ انْطَلِقْ بِي إِلَيْهِ فَانْطَلَقَ بِهِ فَأَدْخَلَهُ إِلَيْهِ فَقَالَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي لَمْ أَعْلَمْ أَنَّكَ تَحْتَاجُ إِلَى هَذَا وَلَسْتُ آخُذُ لَهُ ثَمَناً إِنَّمَا أَنَا مَوْلَاكَ وَلَكِنِ ادْعُ اللهَ لِي أَنْ يَرْزُقَنِي وَلَداً ذَكَراً سَوِيّاً مُحِبَّكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ فَإِنِّي خَلَّفْتُ أَهْلِي تَمْخَضُ (٣) فَقَالَ انْطَلِقْ إِلَى مَنْزِلِكَ فَقَدْ وَهَبَ اللهُ لَكَ ذَكَراً سَوِيّاً وَهُوَ مِنْ شِيعَتِنَا.
وَمِمَّا رَوَاهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ علیهما السلام قَالَ خَرَجَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ علیهما السلام فِي بَعْضِ عُمُرِهِ وَمَعَهُ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ الزُّبَيْرِ يَقُولُ بِإِمَامَتِهِ فَنَزَلُوا مَنْهَلاً (٤)
________________
(١) المشرع : مورد الشاربة إذا كان نهرا والنمير : الزاكى من الماء.
(٢) ماكسه في البيع : استحطه الثمن واستنقصه إياه.
(٣) مخضت الحامل : دنا ولادها وأخذها الطلق.
(٤) المنهل : المورد موضع الشرب على الطريق.