قُرَيْشٍ فحصرها فيهم فلا تكون في غيرهم وَقَالَ صلی الله علیه وسلم قَدِّمُوا قُرَيْشاً وَلَا تَتَقَدَّمُوهَا وقال النسابون كل من ولده النضر بن كنانة قرشي وبين النضر وبين النبي صلی الله علیه وسلم اثنا عشر أبا فإذا جعلنا النبي صلی الله علیه وسلم مركزا كان متصاعدا في درجة الآباء إلى النضر ومنحدرا في الأبناء إلى المهدي علیهما السلام لما ثبت من أن الخطوط الخارجة من المركز إلى المحيط متساوية فانظر بعين الاعتبار إلى أدوار الأقدار كيف جرت بإظهار هذه الأسرار من حجب الأستار بأنوار مشكاة الأفكار وفي هذا المقدار غنية وبلاغ لذوي الاستبصار هذا آخر كلام كمال الدين ملخصا.
وأنا أقول إن الذي ذكره لا يكون دليلا يعول عليه في إثبات المطلوب ولا حجة يستند إليها ممن يريد إظهار الحق من أستار الغيوب ولا يدفع نزاع من جرى في الخلاف والشقاق على أسلوب فإنه مستند إلى استخراج ما في القرائح والأذهان ومعول فيه على مطابقة عدد لعدد وأين ذلك والبرهان فإنه لو قال قائل إن كل واحد من السماء والأرض والنجوم المتحيرة والأيام والبحار والأقاليم سبعة سبعة فيجب أن يكون الأئمة سبعة لم يكن القائل الأول أولى أن نسلم إليه ونصدقه من الثاني ولكن الاعتماد في أمثال هذه الأمور على النقل إما عن النبي أو عن الأئمة علیهما السلام فإن العقل وإن اقتضى أنه لا بد من قائم بأمور الناس ومصالحهم هاد لهم إلى طرق الخيرات مهتم بإقامة الحدود واستيفاء الأموال وتفريقها في وجوهها حافظ لنظام العالم إلى غير ذلك من المصالح فإنه لا يقتضي تعيين عدة معلومة ولا انحصارها في عدد دون عدد وإنما يعرف ذلك بصريح النقل أو بتأويل إن وقع ما يحتاج إلى التأويل.
والذي عندي في ذلك مَا نَقَلْتُهُ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ جَمَعَ الْحَافِظُ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْحَمِيدِيِّ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ يَكُونُ مِنْ بَعْدِي اثْنَا عَشَرَ أَمِيراً فَقَالَ كَلِمَةً لَمْ أَسْمَعْهَا فَقَالَ لِي أَبِي إِنَّهُ قَالَ كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ كَذَا فِي حَدِيثِ شُعْبَةَ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ لَا يَزَالُ أَمْرُ النَّاسِ مَاضِياً مَا وَلِيَهُمْ اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً ثُمَّ تَكَلَّمَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم بِكَلِمَةٍ خَفِيَتْ