الدِّينِ وَبِهِ لُعِنَ إِبْلِيسُ وَالْحِرْصُ عَدُوُّ النَّفْسِ وَبِهِ أُخْرِجَ آدَمُ مِنَ الْجَنَّةِ وَالْحَسَدُ رَائِدُ السَّوْءِ وَمِنْهُ قَتَلَ قَابِيلُ هَابِيلَ.
وَقَالَ علیهما السلام لَا تَأْتِ رَجُلاً إِلَّا أَنْ تَرْجُوَ نَوَالَهُ (١) وَتَخَافَ يَدَهُ أَوْ تَسْتَفِيدَ مِنْ عِلْمِهِ أَوْ تَرْجُوَ بَرَكَةَ دُعَائِهِ أَوْ تَصِلَ رَحِماً بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ.
وَقَالَ علیهما السلام دَخَلْتُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ لَمَّا ضَرَبَهُ ابْنُ مُلْجَمٍ فَجَزِعْتُ لِذَلِكَ فَقَالَ لِي أَتَجْزَعُ فَقُلْتُ وَكَيْفَ لَا أَجْزَعُ وَأَنَا أَرَاكَ عَلَى حَالِكَ هَذِهِ فَقَالَ أَلَا أُعَلِّمُكَ خِصَالاً أَرْبَعَ إِنْ أَنْتَ حَفِظْتَهُنَّ نِلْتَ بِهِنَّ النَّجَاةَ وَإِنْ أَنْتَ ضَيَّعْتَهُنَّ فَاتَكَ الدَّارَانِ يَا بُنَيَّ لَا غِنَى أَكْبَرُ مِنَ الْعَقْلِ وَلَا فَقْرَ مِثْلُ الْجَهْلِ وَلَا وَحْشَةَ أَشَدُّ مِنَ الْعُجْبِ وَلَا عَيْشَ أَلَذُّ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ.
فهذه سمعت عن الحسن يرويها عن أبيه علیهما السلام فاروها إن شئت في مناقبه أو مناقب أبيه صلى الله عليهما.
وَقَالَ علیهما السلام مَا رَأَيْتُ ظَالِماً أَشْبَهَ بِمَظْلُومٍ مِنْ حَاسِدٍ وَقَالَ اجْعَلْ مَا طَلَبْتَ مِنَ الدُّنْيَا فَلَمْ تَظْفَرْ بِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِكَ وَاعْلَمْ أَنَّ مُرُوَّةَ الْقَنَاعَةِ وَالرِّضَا أَكْثَرُ مِنْ مُرُوَّةِ الْإِعْطَاءِ وَتَمَامُ الصَّنِيعَةِ خَيْرٌ مِنِ ابْتِدَائِهَا وَسُئِلَ عَنِ الْعُقُوقِ فَقَالَ أَنْ تَحْرِمَهُمَا وَتَهْجُرَهُمَا (٢).
وَرُوِيَ أَنَّ أَبَاهُ عَلِيّاً علیهما السلام قَالَ لَهُ قُمْ فَاخْطُبْ لِأَسْمَعَ كَلَامَكَ فَقَامَ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَنْ تَكَلَّمَ سَمِعَ كَلَامَهُ وَمَنْ سَكَتَ عَلِمَ مَا فِي نَفْسِهِ وَمَنْ عَاشَ فَعَلَيْهِ رِزْقُهُ وَمَنْ مَاتَ فَإِلَيْهِ مَعَادُهُ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْقُبُورَ مَحَلَّتُنَا وَالْقِيَامَةَ مَوْعِدُنَا وَاللهَ عَارِضُنَا إِنَّ عَلِيّاً بَابٌ مَنْ دَخَلَهُ كَانَ مُؤْمِناً وَمَنْ خَرَجَ عَنْهُ كَانَ كَافِراً فَقَامَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ علیهما السلام فَالْتَزَمَهُ فَقَالَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي (ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
وَمِنْ كَلَامِهِ علیهما السلام يَا ابْنَ آدَمَ عِفَّ عَنْ مَحَارِمِ اللهِ تَكُنْ عَابِداً وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللهُ سُبْحَانَهُ تَكُنْ غَنِيّاً وَأَحْسِنْ جِوَارَ مَنْ جَاوَرَكَ تَكُنْ مُسْلِماً وَصَاحِبِ النَّاسَ بِمِثْلِ
________________
(١) النوال : العطاء.
(٢) أي الوالدين.