أَنَّ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ تَقُولُ إِنَّ مُعَاوِيَةَ لَا يَصْلُحُ لِلْخِلَافَةِ فَقَالَ الْحَسَنُ علیهما السلام وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ قُعُودِي عِنْدَ رِجْلَيْكَ فَقَامَ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ
قلت والحسن علیهما السلام لم يعجب من قول عائشة رضي الله عنها إن معاوية لا يصلح للخلافة فإن ذلك عنده ضروري لكنه قال وأعجب من توليك الخلافة قعودي.
وَقِيلَ لَهُ علیهما السلام فِيكَ عَظَمَةٌ قَالَ لَا بَلْ فِيَّ عِزَّةٌ قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) (١).
وَقَالَ لِأَبِيهِ علیهما السلام إِنَّ لِلْعَرَبِ جَوْلَةً وَلَقَدْ رَجَعَتْ إِلَيْهَا عَوَازِبُ أَحْلَامِهَا وَلَقَدْ ضَرَبُوا إِلَيْكَ أَكْبَادَ الْإِبِلِ حَتَّى يَسْتَخْرِجُوكَ وَلَوْ كُنْتَ فِي مِثْلِ وَجَارِ الضَّبُعِ (٢).
وَخَطَبَ مَرَّةً فَقَالَ مَا بَيْنَ جَابَلْقَ وَجَابَرْسَ رَجُلٌ جَدُّهُ نَبِيٌّ غَيْرِي.
وَقَالَ مُعَاوِيَةُ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْهَاشِمِيُّ جَوَاداً لَمْ يُشْبِهْ قَوْمَهُ وَإِذَا لَمْ يَكُنِ الزُّبَيْرِيُّ شُجَاعاً لَمْ يُشْبِهْ قَوْمَهُ (٣) وَإِذَا لَمْ يَكُنِ الْأُمَوِيُّ حَلِيماً لَمْ يُشْبِهْ قَوْمَهُ وَإِذَا لَمْ يَكُنِ الْمَخْزُومِيُّ تَيَّاهاً لَمْ يُشْبِهْ قَوْمَهُ فَبَلَغَ ذَلِكَ الْحَسَنَ علیهما السلام فَقَالَ مَا أَحْسَنَ مَا نَظَرَ لِقَوْمِهِ أَرَادَ أَنْ يَجُودَ بَنُو هَاشِمٍ بِأَمْوَالِهِمْ فَيَفْتَقِرَ وَتُزْهَى بَنُو مَخْزُومٍ (٥) فَتُبْغَضَ وَتُشْنَأَ وَتُحَارِبَ بَنُو الزُّبَيْرِ فَيَتَفَانَوْا وَتَحْلُمَ بَنُو أُمَيَّةَ فَتُحَبَّ.
وَقَالَ لِحَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ رُبَّ مَسِيرٍ لَكَ فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللهِ قَالَ أَمَّا مَسِيرِي إِلَى أَبِيكَ فَلَا قَالَ بَلَى وَلَكِنَّكَ أَطَعْتَ مُعَاوِيَةَ عَلَى دُنْيَا دَنِيَّةٍ قَلِيلَةٍ وَلَعَمْرِي لَئِنْ قَامَ بِكَ فِي دُنْيَاكَ لَقَدْ قَعَدَ فِي دِينِكَ وَلَوْ أَنَّكَ إِذْ فَعَلْتَ شَرّاً قُلْتَ خَيْراً كَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَ (خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً) (٦) وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ شَرّاً وَقُلْتَ شَرّاً فَأَنْتَ كَمَا قَالَ اللهُ (كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) (٧)
________________
(١) المنافقون : ٨.
(٢) الوجار ـ بالكسر ـ جحر الضبع.
(٣) التياه : المتكبر.
(٤) زهى الرجل : تكبر.
(٥) تفانى القوم : أفنى بعضهم بعضا.
(٦) التوبة : ١٠٢.
(٧) المطففين : ١٤.