ومما ورد في صفته علیهما السلام ما أورده صديقنا العز المحدث (١) وذلك حين طلب منه السعيد بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل ره أن يخرج أحاديث صحاحا وشيئا مما ورد في فضائل أمير المؤمنين علیهما السلام وصفاته وكتبت على الأنوار الشمع الاثني عشر التي حملت إلى مشهده صلی الله علیه وسلم وأنا رأيتها ـ قَالَ كَانَ رَبْعَةً مِنَ الرِّجَالِ أَدْعَجَ الْعَيْنَيْنِ (٢) حَسَنَ الْوَجْهِ كَأَنَّهُ الْقَمَرُ لَيْلَةَ الْبَدْرِ حُسْناً ضَخْمَ الْبَطْنِ عَرِيضَ الْمَنْكِبَيْنِ شتن [شَثْنَ] الْكَفَّيْنِ أَغْيَدَ (٣) كَأَنَّ عُنُقَهُ إِبْرِيقُ فِضَّةٍ أَصْلَعَ كَثَّ اللِّحْيَةِ لِمَنْكِبَيْهِ مُشَاشٌ (٤) كَمُشَاشِ السَّبُعِ الضَّارِي لَا يَبِينُ عَضُدُهُ مِنْ سَاعِدِهِ وَقَدْ أُدْمِجَتْ إِدْمَاجاً إِنْ أَمْسَكَ بِذِرَاعِ رَجُلٍ أَمْسَكَ بِنَفَسِهِ فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَتَنَفَّسَ شَدِيدُ السَّاعِدِ وَالْيَدِ إِذَا مَشَى إِلَى الْحَرْبِ هَرْوَلَ ثَبْتُ الْجِنَانِ قَوِيٌّ شُجَاعٌ مَنْصُورٌ عَلَى مَنْ لَاقَاهُ وَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِضِرَارِ بْنِ ضَمْرَةَ صِفْ لِي عَلِيّاً قَالَ اعْفُنِي قَالَ لَتَصِفَنَّهُ قَالَ أَمَّا إِذْ لَا بُدَّ فَإِنَّهُ وَاللهِ كَانَ بَعِيدَ الْمَدَى شَدِيدَ الْقُوَى يَقُولُ فَصْلاً وَيَحْكُمُ عَدْلاً يَتَفَجَّرُ الْعِلْمُ مِنْ جَوَانِبِهِ وَتَنْطِقُ الْحِكْمَةُ مِنْ نَوَاحِيهِ يَسْتَوْحِشُ مِنَ الدُّنْيَا وَزَهْرَتِهَا وَيَأْنَسُ بِاللَّيْلِ وَوَحْشَتِهِ وَكَانَ غَزِيرَ الدَّمْعَةِ (٥) طَوِيلَ الْفِكْرَةِ يُعْجِبُهُ مِنَ اللِّبَاسِ مَا خَشِنَ وَمِنَ الطَّعَامِ مَا جَشِبَ (٦) وَكَانَ فِينَا كَأَحَدِنَا مُجِيبَنَا إِذَا سَأَلْنَاهُ وَيَأْتِينَا إِذَا دَعَوْنَاهُ وَنَحْنُ وَاللهِ مَعَ تَقْرِيبِهِ إِيَّانَا
________________
(١) هو الحافظ أبو محمد عبد الرزاق بن عبد الله بن أبي بكر عز الدين الرسعني الحنبلي المثوفي سنة ٦٦١ ذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ ج ٤ : ٢٤٣ وقال كان اماما متقنا ذا فنون وادب صنف كتاب مقتل الحسين (علیهما السلام) وجمع وصنف تفسيراً حسنا وأيته يروى فيه بالسانيده ، كان بيه وبين المؤلف (قده) صداقة وصلة ويروى (ره) عنه كثيرا في هذا الكتاب وسيأتى عنه بعض القول في ترجمة ايضاً.
(٢) دعجت العين : صارت شديدة السواد مع سعتها فصاحبها «ادعج»
(٣) شئنت كفه : خشنت وغلظت. وغيد غيدا : مالت عنقة والنك اعطافه فهو اغيد
(٤) المشاش : رؤوس الظام مثل الركبتين والمرفقين والمنكبين
(٥) اى كثيرها.
(٦) جشب الطعام : خشن