له يا ابن رسول الله كيف تركن إلى أهل الكوفة وهم الذين قتلوا ابن عمك مسلم بن عقيل وشيعته (١) فترحم على مسلم وقال صار إلى روح الله ورضوانه أما أنه قضى ما عليه وبقي ما علينا وأنشده
وإن تكن الدنيا تعد نفيسة |
|
فدار ثواب الله أعلى وأنبل |
وإن تكن الأبدان للموت أنشئت |
|
فقتل امرئ والله بالسيف أفضل |
وإن تكن الأرزاق قسما مقدرا |
|
فقلة حرص المرء في الكسب أجمل |
وإن تكن الأموال للترك جمعها |
|
فما بال متروك به المرء يبخل |
هذا آخر كلام كمال الدين بن طلحة رحمهالله في هذا الفصل.
أقول إنهم ع رجال الفصاحة وفرسانها وحماة البلاغة وشجعانها عليهم تهدلت أغصانها ومنهم تشعبت أفنانها ولهم انقادت معانيها وهم معانها ولرياضتهم أطاع عاصيها وأصحب جرانها إذا قالوا بذوا الفصحاء وإذا ارتجلوا سبقوا البلغاء وإذا نطقوا أذعن كل قائل وأقر لهم كل حاف وناعل
تركت والحسن تأخذه |
|
تنتقي منه وتنتحب |
فاصطفت منه محاسنه |
|
واستزادت فضل ما تهب |
بألفاظ تجاري الهواء رقة والصخر متانة وحلم يوازي السماء ارتفاعا والجبال رزانة أذعنت لهم الحكم وأجابت ندائهم الكلم وأطاعهم السيف والقلم وصابوا وأصابوا فما صوب الديم (٢) ورثوا البيان كابرا عن كابر وتسنموا قلل الفضائل تسمنهم متون المنابر وتساووا في مضمار المعارف فالآخر يأخذ عن الأول والأول يملي عن الآخر.
شرف تتابع كابرا عن كابر |
|
كالرمح أنبوبا على أنبوب (٣) |
__________________
(١) والذي يظهر من رواية المفيد (ره) وغيره من أرباب السيران التقائه عليه السلام الفرزدق انما هو قبل مجىء نعى مسلم بن عقيل بل وقبل قتله في الكوفة ، لان الالتقاء وقع قبل العرفة خارج المكّة بعد ما دخل الفرزدق في الحرم وقد قتل مسلم بن عقيل يوم الأربعاء لتسع خلون من ذي الحجة يوم عرفة وأتاه عليه السلام خبر قتله بالثعلبية بعد ما قضى الناس حجهم بأيام.
(٢) الديم : مطر يدوم في سكون بلا رعد ولا برق.
(٣) الأنبوب : ما بين الكعبين من القصب والرمح.