وحينئذ فأمّا أن نقول : إنّ الميز الحقيقي أوّلا وبالذات ، إنّما هو بين الأمرين المتعلّقين بالصلاة السابقة واللّاحقة ، والميز إنّما هو من جهة فعليّة أحد الأمرين في الزمان الأوّل ، وفعليّة الثاني بعد ذلك الزمان ، ولو مع اشتراكهما واجتماعها في الفعليّة في مقدار من الزّمان ، وأمّا المتعلّقان ؛ فلولا التغاير بينهما من حيث المقدار ، أو في بعض الأجزاء والقيود كالجهريّة والإخفاتيّة مثلا فلا ميز بينهما أصلا.
نعم ، هناك عناوين اعتباريّة تنتزع من إتيان المأتي به بداعي امتثال أحد هذه الأوامر بالخصوص ، وهي عناوين الظهريّة والعصريّة والمغربيّة وهكذا ، وعليه فلو قام بإتيان الأربع أو الاثنتين بداعي امتثال الأمر ، الذي صار فعليّا في أوّل الزوال ، فلا محالة يتعنون ما أتى به بعنوان الظهريّة.
أمّا لو قام بإتيانها بداعي امتثال الأمر الذي صار فعليّا بعد فعليّة الأوّل فيما بين الزوال والغروب ، فلا محالة يتعنون ما أتى به لا بعنوان العصريّة.
أمّا لو أتى بالثلاث بداعي امتثال الأمر الذي صار فعليّا في أوّل المغرب ، فلا محالة يتعنون ما أتى به بعنوان المغربيّة.
ولو أتى بالأربع أو الاثنتين بداعي امتثال الأمر الذي صار فعليّا بعد فعليّة الأمر الأوّل فيما بين الغروب ونصف اللّيل ، فإنّه يتعنون ما أتى به بعنوان العشائيّة.
ولو أتى بالاثنتين بداعي الأمر الّذي صار فعليّا في أوّل الفجر ، فإنّه يتعنون ما أتى به بعنوان الصبحيّة.
وهذا وإن كان يستقيم في الجملة ، إلّا أنّه لا يستقيم بالنسبة إلى الظهرين أو العشاءين ، إلّا بناء على مذهب المشهور القائلين بالوقت ، لاختصاص الموجب لا