فأيّ دليل دلّ على قيام التذكّر الإجمالي مقام التفصيلي في الدخالة في موضوع الحكم؟ فما معنى وجوب الاحتياط في مفروض المسألة بقضاء السجدة والتشهّد مع سجود السهو بعد الصلاة ، استنادا إلى حصول التذكّر الإجمالي.
ولو كان المفروض أنّ المأخوذ في الموضوع ، هو التذكّر الأعمّ من التفصيلي والإجمالي ، ففي مفروض المسألة وإن لم يتحقّق التذكّر التفصيلي بالنسبة إلى شيء منهما ، إلّا أنّه قد تحقّق التذكّر الإجمالي بالنسبة إلى أحدهما لا على التمييز من أوّل الأمر ، فلو كان هذا كافيا في لزوم الاحتياط ، والجري العملي على طبق ما يقتضيه كلّ من فوات السجدة من السابقة ، والتشهّد من اللّاحقة ، فما معنى الحكم بالمضيّ في صلاته استنادا إلى عدم تحقّق التذكّر التفصيلي بالنسبة إلى فقدان التشهّد؟!
وبالجملة : لا نعقل وجها للجمع بين الحكم بوجوب المضيّ في الصلاة بلا شيء عليه ، والحكم بوجوب قضاء كلا الأمرين بعد الصلاة ، بتعليل الأوّل بعدم حصول التذكّر التفصيلي ، وتعليل الثاني بحصول التذكّر الإجمالي ، إلّا بدعوى أنّ المأخوذ في موضوع التكليف ـ بالعود إلى تدارك الجزء الفائت قبل أن يفوت محلّه تداركه الذكري ـ هو التذكّر التفصيلي ، والمأخوذ في موضوع التكليف بوجوب تداركه بنحو القضاء بعد الصلاة ، هو التذكّر الأعمّ من التفصيلي والإجمالي ، وقد عرفت أنّه على فرض تسليم أخذ التذكّر في موضوعي الحكمين ، فلا سبيل إلى هذه التفرقة بين الحكمين ، هذا.
الأمر الثالث : ثمّ لا يخفى عليك أنّه بناء على هذا الذي احتمله قدسسره أخيرا