وكلاما مفوّتا لمحلّ تدارك ما فات في الأثناء.
قلنا : المناقشة مندفعة جدّا من جهة أنّ إطلاق الصحيحتين ، بالنظر إلى ما قبل التسليم وما بعده ، وفيه أيضا بالنظر إلى ما قبل صدور شيء من المنافيات المطلقة وما بعده ، مع الحكم بالصحّة في الجميع ، ولزوم التدارك بنحو إمّا بالتلافي أو بالقضاء مثبت لا محالة كون التسليم مخرجا عن الصلاة ، ومحلّلا لتحريمها ، بحيث لا تبطلها المنافيات الواقعيّة ، فتعيّن لا محالة كون المراد من التدارك بالنظر إلى ما بعد السّلام هو القضاء المصطلح ، وبالنظر إلى ما قبله يبقى على إجماله من كونه بنحو التدارك في المحلّ تارة كما لو كان المنسي من الركعة الأخيرة ، وتذكّر قبل التسليم ، وبنحو القضاء المصطلح اخرى ، كما لو كان المنسي من الركعات السابقة ، وتذكّر قبل التسليم.
وجملة القول : إنّه لا محلّ للمناقشة في الاستدلال بالصحيحتين ، إلّا من جهة ما تقدّم من وهن الإطلاق فيهما ، ولزوم تقييده بكثير يستهجن ، وسراية هذا الوهن إلى ما ذكر فيهما النصوصيّة بعد ، أنّها إنّما ذكر من باب المثال ، وتطبيق الإطلاق المستفاد منها.
وأمّا صحيحة محمّد بن مسلم : فهي سالمة عن هذه المناقشات أجمعها ، عدا اشتمالها على قوله عليهالسلام : (حتّى ينصرف الذي ...).
فإنّه كما يحتمل أن يكون تأكيدا لما سبق ؛ أي كناية عن الفراغ عن الصلاة المذكور أوّلا الذي يكون عرفا وشرعا بالتسليم ، كذلك يحتمل أن يكون تأسيسا اريد به الاشتغال بما ينافي الصلاة عمدا وسهوا ، من الاستدبار والذهاب والإياب ،