الترتيب بين الفريضتين المانع عن الاشتغال بالثانية ، ما لم يحصل القطع بالفراغ عن الاولى ، فيتعيّن عليه بحكم العقل الموافقة الاحتماليّة للمعلوم بالإجمال المفروض ، باختيار إتمام ما بيده ، برجاء أن تكون رابعة الظهر ، وحينئذ فيحصل له القطع ببراءة ذمّته عن الظهر ؛ إمّا سابقا وقد زاد ركعة وتشهّدا وتسليما في الخارج عنها ، أو بعد الركعة التي أتمّها وتشهّد وسلّم فيها ، ويجب عليه استيناف العصر للقطع ببقاء اشتغال ذمّته.
أقول : ينبغي التنبيه على أمرين :
الأمر الأوّل : ظهر ممّا ذكرنا أنّ تعبيره قدسسره في المسألة بقوله : (جعلها آخر الظهر) ، ليس على ما ينبغي ، لظهور العبارة في أنّه يجب عليه البناء تعبّدا على أنّ ما بيده رابعة الظهر بمقتضى أصل أو قاعدة ، وقد عرفت أنّه ليس إلّا مقتضى حكم العقل بحرمة المخالفة القطعيّة للعلم الإجمالي بحرمة القطع ، ووجوب الإتمام ، وذلك ليس إلّا بمعنى حكمه باستحقاق العقوبة عليها ، وليس فيه لسان إحراز ، وأنّ ما بيده الرابعة من الظهر ولذلك نعتقد أنّ الأصحّ أن يقال : (أتمّ الركعة وتشهّد فيها وسلّم برجاء أن تكون رابعة الظهر).
الأمر الثاني : اتّضح فساد ما وقع في كلمات بعض الأجلّة رحمهالله من دعواه أنّ الحكم بالإتمام بنيّة الظهر ترخيصي لا إلزامي باعتبار أنّ جريان استصحاب كونه مشتغلا إلى الآن بالظهر ؛ أي بامتثال أمره ، ولكنّه إنّما يجدي لو كان الأثر ـ أعني وجوب الإتمام بنيّة الظهر ـ يترتّب على كونه مشتغلا بالظهر ، وأمّا على فرض ترتّبه على كون ما بيده الظهر ، فلا يمكن إحراز ذلك باستصحاب كونه مشتغلا