الثالث : التفصيل بين النفي ، فيدلّ والإثبات لا يدلّ ، ذهب إليه جماعة منهم نجم الأئمة والتفتازاني على ما حكى بعض الأعاظم من المتأخّرين واستدلّ في ذلك بأن احتمال الغلط في النفي بعيد بخلافه في الإثبات.
ثم انه ينبغي أن لا يكون من موضوع الخلاف ما إذا كانت مسبوقة ب : «لا» ، فانه حينئذ كالنصّ في ثبوت المفهوم ، ولا يبعد دعوى الوفاق إلا أن ابن هاشم جعله لتأكيد الإضراب عنده كان مخالفا.
ومنها : الحصر ب : «إنما» كقوله تعالى : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ) خلاف فيه ، والمشهور يدلّ على الحصر ، واحتجّوا بأمور أقواها تصريح أهل اللغة كالأزهري بذلك ، وقال بعضهم : لم أظفر بمخالف فيه ، ونقل بعضهم إجماع النّحاة بدلالته على الحصر ، وهو المنقول عن أئمة التفسير ، وقد يتمسّك بحديث : «إنما الأعمال بالنيّات» بفساد العمل بلا نيّة كاعتمادهم على قوله : الولد لمن أعتق في مثله وهو لا يجدي شيئا ، إذ بعد الغضّ عمّا فيه لا يزيد عن مجرّد الاستعمال.
ومنها : تعريف ب : «لام» إذا كان الخبر خاصّا مثل : إلا زيد ، وفي حمل الذات الأولى كقولك : الإنسان بشر فيما إذا أريد اتحاد المعنى دون التساوي في الصدق وأخرى يمكن اعتبارها على وجه لا يستفاد منها الحصر كما إذا قيل لمن سمع الأسد ولم يشاهد فردا من مصاديقه فيما كان موضوعا أو فيما كان محمولا معرّفا كقولك في المقام المذكور ، هذا الأسد ، أو منكرا كما في جميع القضايا المتعارفة أو كانت