ودب الخراب فى المجرى وتصدع فضاع الماء الذى تسرب من بين الصدوع والشقوق ، ولو بقيت القنوات على تلك الحال فترة أطول سوف يؤدى ذلك فى المستقبل إلى ابتلاء أهل مكة بضيق شديد من قلة المياه ، ولما أدرك الكل ما ينتظرهم عرضوا الأمر على مقام الخلافة ، فجاء الأمر السلطانى بتكوين لجنة من أعيان مكة وجدة تعنى بتعمير مجرى عين زبيدة وتسويتها وترميمها ، وعين لرياسة تلك اللجنة الشيخ عبد الرحمن سراج أفندى الذى كان عمر وأحيا عين زعفران بإنفاق مئات من الليرات الفرنسية وذلك فى المحرم سنة (١٢٩٦).
وكان من أهم ما كلفت اللجنة به تعمير ذلك المجرى بطريقة متينة ورصينة ، وأخذ نفقات التعمير من خزينة الدولة ودون إحداث خلل عند الإنفاق ، وبما أن الخزينة المالية للدولة تمر بأزمة حادة رأت تلك اللجنة ألا تكون حملا على خزينة الدولة وأن تدبر أمورها على هذا الأساس ، وكان الممولون المسلمون يتمنون من فترة أن يشتركوا فى تعمير عين زبيدة ، وعلى هذا جمعت كثير من المعونات المالية من أهالى جدة ومكة بحثّ اللجنة وسعيها الحثيث.
وأعطى الرئيس المذكور الشيخ عبد الرحمن سراج بمفرده خمسمائة روبية (٥٠٠٠ قرش) كما أن أصحاب الخيرات من الممالك الإسلامية أرسلوا معونات مناسبة لثرواتهم : فأرسل على خان (١) من ولاة الهند وحاكم (رانبور) (١٠٠٠٠٠) روبية وملكة (بهوبال) «السيدة جيهان بيكم» (٢٠٠٠٠) روبية والشيخ «عبد الغنى بهادر» من مشاهير أصحاب الخيرات وابنه «محمد أحسن الله» خان بهادر كل واحد منهما (٢٠٠٠٠) روبية وسيد عبد الواحد المقيم فى (كلكتا) ألفين وخمسمائة روبية (٢) وأرسلوا كل هذه المبالغ مع «الحاج نور محمد زكريا» وكيل صحيفة الجوائب فى الهند.
وهذه الإعانات من قبل حكام الهند الكرام غمرت نفوس أهل مكة بالبهجة والسرور ، ولما وصلت الإعانة الهندية إلى جدة وكان مقدارها (١٦٣٥٠٠٠)
__________________
(١) قد أدى حضرة على خان فريضة الحج فى سنة (١٢٨٩) ، وأحسن إلى فقراء المدينة ومكة بمبالغ كثيرة ، وأهدى كتابا من تأليفه للحجرة المعطرة يحتوى على المدائح النبوية.
(٢) الروبية الواحدة تساوى عشرة قروش.