القصة :
استيقظ أحد الفضلاء من المشايخ الزبيريين وقام من نومه ظنا أن وقت الترحيم قد حان ، واتجه إلى الحرم الشريف ، وبعد الطواف بالبيت صعد إلى المكان الخاص برؤساء مؤذنى الشافعية ، وفوجئ بأن أبواب بئر زمزم قد فتحت ، وأشعلت القناديل ودخل كثير من الناس فى أبنية بئر زمزم ، وتعجب من الأمر ، لأن من الأصول المتبعة أن يكون مفتاح بئر زمزم معه ، ولكنه قال لنفسه : لا بد وأننى استيقظت متأخرا وهؤلاء بعثوا إلى بيتى وأخذوا المفتاح. وبناء على هذه الملاحظة لم يقم من مكانه يتحقق من الأمر ، ومن شدة حيرته وتعجبه لم يخطر على باله أن ينظر إلى الساعة ، وبعد فترة أدرك أن المؤذنين لم يصلوا بعد ، فظل جالسا فى هذا المقام قائلا : ما هذه الحال؟! وبينما هو يفكر فى هذا الأمر غلبه النوم وراح فى سبات ، واستيقظ بعد فترة فإذا بالقناديل مطفئة وأبواب مبنى بئر زمزم مغلقة ، فبادر بالقيام وأخرج ساعته من جيبه فرأى أن وقت الترحيم لم يحل بعد ؛ فتوهم من هذا الأمر وخاف ، وأخذ يتلو القرآن ، وبعد ما وصل والده بفترة قص عليه الحكاية بكل تفصيلها ، فقال له والده ـ يا بنى إن ما تشربونه صباحا من بئر زمزم من ماء حلو قائلين إنه زبدة ما هو إلا سؤر أولياء الله الروحانيين ، ولا يشبه ماء زمزم الذى يأخذه السقاة : إذ يأتى أولياء الله الصالحون بعدما ينسحب الزوار فى الليل ، وبعدما يطوفون بالبيت الحرام يدخلون فى مبنى بئر زمزم ، ويشربون ماء زمزم حتى الصباح ، ولا يمنعهم لا الباب ولا المدخنة ، وبهذا الرد اطلع على هذا السر شديد الخفاء. انتهى.
وفى الواقع أن الماء الذى قلنا عنه الزبدة من ماء زمزم لا يشبه ماء زمزم الذى يؤخذ منها سواء فى الطعم أو اللون ، إن طعم الزبدة فى غاية اللذة ولونها فى غاية الشفافية يفوق عن التصوير والتعريف. وقال بعض المدققين إن لماء زمزم الصافى خاصية زيت الزيتون ، وبما أن ماء زمزم غير قابل للامتزاج بالمياه الجارية الأخرى فعندما يغلق باب أبنية بئر زمزم فماء زمزم يطفح فوق الماء ، كما يطفح