الرجل وقتلوه. إن أربعة عشر من الفرسان كانوا ينتظرون إنقاذ هذا الرجل ، ولما رأوا هجوم الموحدين على القاتل وهلاكه نزلوا من ظهور خيولهم ، وشهروا سيوفهم ، وزحفوا داخل الحرم الشريف وتكاثروا فيه حتى كونوا جماعة ، وخرّبوا بعض الأماكن وأتلفوا كثيرا من النفوس. وسقط الحجر الأسود من صندوق على الأرض فى أثناء هذه الفتنة ، وظل فوق الأرضية الرخامية للمطاف ، وفى اليوم الثالث جمع شجعان بنى شيبة قطع الحجر الأسود وألصقوها مستخدمين المسك والعجين المسمى لوكون (١) ، ووضعوه فى داخل ظرفه وأعادوه إلى مكانه ، وتعقب أهالى مكة كلهم القافلة المصرية ونهبوا كل ما يملكونه وقتلوا كثيرين منهم بسيف الشريعة المسلول.
وكان الشخص الذى أسقط الحجر الأسود على الأرض بضربة شقيا ذا وجه أحمر ، طويلا سمينا كان خبيثا لا دين له ولا إيمان. وبناء على الرواية التى حققها محمد على بن عبد الرحمن العلوى إن هذا الحادث الأليم وقع فى سنة ٤١٣ ه وبناء على قول ابن كثير أنه وقع فى سنة ٤١٤ ه.
وفى سنة ٤٢١ حدث أن أحد ملاحدة الفرس (من البابيين) دنيئا جهنميا كسر جانبا من الحجر الأسود بضربة سيف ، ولكنه ألصق بفضة خام وأحاطوا جوانبه الأربعة بحلقة فضية ، وبعد مرور مائة وإحدى وخمسين سنة نزعه الشريف داود بن عيسى بن فليتة عند فتنته المفزعة وشيده وسواه السلطان مراد الرابع فى سنة ١٠٤٣ ه من جميع جوانبه بطريقة جيدة كما هو الآن ، كما أن السلطان مصطفى خان هدم جدران جهاته الأربعة وبناها من جديد.
وبعد مرور مائة وإحدى وستين سنة يعنى فى سنة ١٢٠٤ ه عندما حدث ذلك الحادث المؤلم قد تكسر أحد جوانبه قدر إصبعين ، إلا أنهم ألصقوه بلوكون الأسود دون أن يظهر الكسر.
__________________
(١) عجين من الكلس مع الزيت.