الذكور والإناث (١٢٠٠٠) نفر ، وبناء على رأى السيد جمال الدين محمد بركات شريف مكة ، استصوب توزيعها على المحتاجين المذكورين كل واحد منهم ربع أردب من الحنطة وقطعة ذهبية ثم أعطى مفتىّ المذاهب الأربعة لكل واحد منهم ثلاثة أرادب (١) غلة وهكذا أجرى قواعد العدالة.
أول ما وزع من الأرزاق التى أرسلها السلاطين العثمانيين على أهل الحرمين هى ما وزعه مصلح الدين أفندى من سبعة آلاف أردب من مختلف الغلال وقد زاد مقدار هذه الغلال من سنة لأخرى لحاجة الناس إليها حتى وصلت فى عهد السلطان محمود العادل إلى (١٧٠٠٠) أردب من الحنطة ، وكان هذا القدر كافيا لتغطية حاجات الناس ومن هنا لهجت ألسنتهم بطول بقاء الدولة العثمانية. واستطاع فيما بعد ذوى الحيلة أن ينال كل واحد منهم مائتى أردب من الحنطة مدعين انتسابهم لجهة من الجهات ؛ وبهذا تركوا كثيرا من الفقراء لا ينالون ، شيئا ولما استحال جلب هذه الغلال من مصر أخذ الناس يتقاضون من خزانة الدولة ثمن ما يستحقون من حنطة.
ترميم المقام الحنفى
كان الأمير مصلح الدين مكلفا أيضا بتعمير الحرم الشريف وترميمه ولما رأى أن المقام الحنفى فى شدة الحاجة إلى التعمير قال مخاطبا أعيان بلد الله وعظماءهم إن هذا المقام (٢) المبارك الذى أنشىء على أربعة أعمدة مسقفا بناء مبارك ، ومحرابه فى وسطه ، وقد بنى من أجل أئمة المذهب الحنفى الكرام كما تعرفون جميعا أنه بنى فى سنة (٨١١) ، وفى سنة (٨٤٣) غطيت قبته بالقصدير من قبل السلطان المصرى جاقمق وبالنظر إلى شكله الحالى وكثرة الحجاج والضيوف الذين يفدون للحج قد تجاوز وجوب توسيعه مع إنشاء قبة له درجة الوجوب.
لذا يقتضى الأمر تهيئة مقام أوسع يستطيع الحجاج الذين على المذهب الحنفى
__________________
(١) هذه الأرادب التى أعطيبت لرجال المذاهب الأربعة كانت زائدة عن حصتهم وإنما أعطيت لهم رعاية لجانبهم وذلك مما سر الناس جميعا.
(٢) وهنا كان مصلح أفندى يشير بإصبعه إلى المقام الحنفى.