أمتار ، وقرر الأشراف أن يخرجوا الشخص الذى سقط وأن ينظفوا البئر فى نفس الوقت ، وبناء على رأى معلمى أحمد البناء قد ركبنا فى بكرات البئر ثمانية دلاء كبيرة ، وأخذنا ننزح البئر وكنت أعمل بجانب معلمى أحمد ، وبعد فترة استطعنا أن ننقص قليلا من مياه البئر ، فنزلت مع أستاذى فى قاع البئر لتنظيفه وتطهيره ، وإذا بعيون ماء ثلاث فوق خزانة ماء البئر ، اثنتان تحاذيان البيت الأعظم ، والأخرى تحاذى جبل أبى قبيس ، وكانت المياه التى يقال إنها تمتزج بماء زمزم تأتى من هذه العيون.
ويؤيد قول محمود البناء ما قاله عبد الله بن المبارك : إن عين الماء التى تجرى من ناحية ركن الحجر الأسود عين ماء ، كما يؤيد قول ابن شعبان : إن الماء الذى ينصب فى بئر زمزم من ناحية الحجر الأسود عين من عيون الجنة.
قد انخفض ماء البئر عن العيون التى سبق ذكرها ولذلك كان مزيتا قليلا ، فسددنا تلك العيون سدا محكما ، ونزحنا الباقى من المياه ثم ملأنا الدلاء بالطين المتراكم ، وطهرنا خزانة الماء وظهر فى الطين الذى أخرج كأسان من البلور ، وواحدة من الزنك وثلاثة من النحاس ، وأربعة أعداد من الصحون الصينية ، وعددان من عقد مرصع ، وكان غير ذلك كثيرا من قطع خشب الأبنوس والخردوات المتنوعة. وبعد أن نظفنا البئر من الطين حتى أصبح البئر خاليا من قطرة ماء بعد أن طهرناها ونظفناها أدى كل واحد منا فى سطح قاع البئر ركعتين ، وفتحنا العيون التى سددناها وخرجنا إلى ظاهر البئر ، وبعدما خرجنا من البئر أخذت المياه تتدفق من العيون التى ذكرناها فى غاية القوة حتى ملأت البئر فى نفس اليوم ، وتعدت المياه ما كانت عليه من قبل قدر شبر واحد». «انتهى».
وقد صدق الشيوخ الذين كانوا مع محمود على قوله قائلين : «نعم كل هذه الأقوال صحيحة ، ونحن أيضا كنا حاضرين فى ذلك الوقت». إن هذه الحكاية تؤيد تماما القول الذى يقول إن مياه أخرى تمتزج بماء زمزم.