أزال محمد راشد أفندى هذا العلو وأبقى جملة «هذا حد مسجد النبى» التى كانت محكوكة على هذا الصف من الأعمدة ، لو كان حدد هذه الجملة قائلا : «هذا حد المسجد الأصلى» لأحسن فعلا لأن عبارة «هذا حد مسجد النبى» تفيد أن خارج هذا الحد ليس من جملة مسجد النبى وهو ليس كذلك.
بعد أن سوى محمد راشد أفندى وسطح ومهد أرض المسجد وهدم المخازن فى التقاء الحد القبلى للمسجد الأصلى أنشأ جدارا منخفضا من شبكة الحجرة المعطرة إلى انتهاء الأعمدة التى فى الجهة الغربية من جدار باب السلام وبنى فوقه سورا مشبكا جميلا مصنوعا من النحاس الأصفر وفتح ثلاثة أبواب من الروضة المطهرة للخروج منها ناحية القبة العثمانية ، ولما انتهى من سقوف الجهة القبلية لمسجد السعادة إلى محاذاة الساحة الرملية جهز حجرا أحمر مزينا لكتابة التاريخ وأرسله إلى باب السعادة حتى يكتب عليه ما انتخب مما كتبه أدباء المدينة ثم يأمر بإعادته إلى المدينة ، إلا أن السلطان ذا الخصال الحميدة لم يستصوب أن يكتب لذلك المكان المقدس التاريخ وأمر بأن يعطى للمؤرخين اثنا عشر ألف قرش وحتى يتخذ قرارا ما ينبغى إحالة الموضوع إلى مجلس العلماء المنعقد فى المشيخة الجليلة ، وقرر فى المجلس أن يكتب على هذا الحجر الحديث الشريف ، وفق اقتراح أمين الفتوى للمجلس محمد رفيق أفندى «صلاة فى مسجدى هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه ، إلا المسجد الحرام» ، وأبلغ الأمر إلى دار الخلافة. وأمر الخليفة أحمد أسعد أفندى الذى تعين لأمانة أبنية السعادة بعد عمر جمال الدين أفندى بإجراء ما يقتضى الأمر عمله.
والتواريخ التى ستذكر فيما بعد هى التواريخ التى اختارها محمد راشد أفندى لتحظى بالنظرة السلطانية وأرسلها إلى الباب العالى.