فيها طلب إزالتها ، ولكن رفع هذه الأعمدة وإزالتها كانت تحتاج لنفقات كبيرة وهذا العمل سيؤدى إلى إضرار خزانة الدولة كما أنها لو أبقيت لن تصيب زينة المبانى المقدسة ورزانتها بعيب أو نقص فلم يمسوها ، كما أبقت هيئة الشورى الأسطوانة التى تكون فى الجهة اليسرى للصاعدين على المئذنة الرئيسية ، على أنها من جملة الأساطين القديمة مع أن رفع هذه الأسطوانة كان أولى. انتهى.
وبعد ما تمت عمليات الأبنية العالية بكل مشتملاتها ومتفرعاتها ، كتبت جميع الكتابات التى كانت فوق طلاء داخل القباب وداخل الجدار القبلى باهر الأنوار كما سبق ذكره فى مكانه ، وزيّن ذلك المقام العالى مرة أخرى ، وكانت الخطوط المنقوشة من آثار قلم زهدى أفندى (١) من سلالة تميم الدارى ـ رضى الله عنه ـ من صحابة النبى صلى الله عليه وسلم ومن تلاميذ رئيس العلماء الحاج مصطفى عزت المشهورين ، وهى آثار لم يشهد لها مثيل.
وأراد السلطان الغازى عبد المجيد خان أن يحتفظ بصورة مصغرة لما كتب لهيئة مسجد النبى القديمة فى جامع خرقة السعادة ، لذلك أمر بصنع هيكل مجسم لمسجد النبى حينما أمر بتجديده ، وقد عهد بهذا الأمر واجب الامتثال وإجراء مضمونه إلى البكباشى الرسام الحاج عزت (٢) أفندى من أعضاء مدرسة الهندسة البحرية السلطانية.
كما وجه إليه هندسة المبانى المقدسة العالية وأرسل إلى المدينة المنورة.
وعندما وصل عزت أفندى إلى المدينة المنورة دار السكينة قاس مساحة الحجرة المعطرة إلى أن وصل إلى جدار الضريح من الداخل والخارج أو حرم السعادة بدقة شديدة وبعد ذلك صنع تمثالا هيكليا من الخشب وأرسله إلى باب السعادة سنة ١٢٦٨ ، وقد نال ذلك الهيكل القبول الحسن وحسن التقدير وبناء على الأمر
__________________
(١) استطاع زهدى أفندى كتابة هذه الخطوط خلال ثلاثة أشهر.
(٢) عزت أفندى أخو القائم مقام شكرى بك مدرس رسم بمدرسة البحرية السلطانية.