الخندق برصاص مذاب فأحاط حجرة السعادة بسور من الرصاص ، وذلك فى سنة (٥٥٧ ه).
ونقل المؤرخ جمال الدين المطرى هذه القصة بصورة أخرى ولم يذكر الجدار الرصاصى الذى مد حول مرقد السعادة ، وبناء على نقل جمال الدين المطرى أنه فى سنة خمسمائة وسبع وخمسين دخل السلطان نور الدين محمود بن زنكى بن أقسنقر إلى المدينة الطاهرة بغتة بألف من الفرسان ، وأخذ يوزع العطايا ـ كما ذكر آنفا ، ولكنه لم ير أحدا ممّن يشبه الغيلان مثل اللذين رآهما فى رؤياه فسأل : هل هناك من لم يأخذ الصدقة؟ فأجيب من قبل سادات المدينة المنورة أن هناك فى داخل الديار العشر أى فى دار آل عمر التى تقع فى الجهة القبلية للحجرة الشريفة يسكن مجاوران إلا أنهما معروفان بأنهما لا يأخذان الصدقة وموصوفان بالزهد والصلاح فإنهما لن يأتيا هنا فأحضرهما بالقوة وابتدر فى إجراء التعذيب وفهم منهما أنهما قد أرسلا من متعصبى مشركى المغاربة بغرض نقل نعش الرسول صلى الله عليه وسلم إلى بلادهما فقطع عنقيهما أمام الجدار الشرقى للمسجد الشريف وبين أن هذين الشخصين قاما بحفر بئر فى دار آل عمر فى داخل الديار العشرة وملئوا هذه البئر بتراب النفق الذى حفراه.
رواية المطرى هذه تشعر بوصول الشهيد نور الدين إلى المدينة المنورة ، وإذا ما نظر إلى أن الرباط (١) الذى سكن فيه المغربيان يعرف اليوم برباط العجم فالرواية الأولى أقرب إلى الصحة.
قال بعض أصحاب الوقوف من أهالى المدينة : «لما استدعى الشهيد نور الدين أهل المدينة لتوزيع العطايا أو لم وليمة بعد أن نصب خيمة أمام باب الحصن الذى يطلق عليه الآن اسم باب الضيافة ، وأطلق فيما بعد على هذا المكان اسم دار الضيافة وبهذا التعريف يقصون مجئ المشار إليه إلى المدينة المنورة حسبما فصل أعلاه ، إلا أنه ليس بصحيح أن الشهيد نور الدين أقام ضيافة وإطلاق دار الضيافة لذلك المكان.
__________________
(١) دائرة المشيخة يعنى دار شيخ الحرم فوق ساحة هذا الرباط.