بينما كان مسجد السعادة يحترق والنار تنتقل من هناك لهنا أخذ الأهالى ينقلون أشياءهم إلى خارج المدينة وفى نفس الوقت ينظرون إلى النار المخيفة نظرة حيرة ودهشة ؛ ولم يخرج من داخل المسجد إلا بعض المصاحف الشريفة فى أول الحريق ، واحترقت الكتب النادرة القيمة والأشياء الثمينة وكل ما أهدى من قبل السلاطين والأسلاف من الأشياء الذهبية الثمينة ولم ينقذ إلا القبة التى كانت فى وسط الحرم الشريف واحترق عشرة أنفار من الذين دخلوا داخل المسجد بغتة لنقل بعض الأشياء وماتوا متأثرين من النار.
استطراد
اسم القبة التى ذكرت اسمها قبة الشمع وقد بنيت من قبل الناصر لدين الله لتوضع فيها لوازم حرم السعادة وهى الأشياء التى ترد منذ ثلاثمائة سنة حتى مصحف عثمان بن عفان كان محفوظا فى داخل هذه القبة ، ولما ساءت حالتها مع مرور الزمان وخربت ، هدمها السلطان سليمان بن السلطان سليم حتى سوّيت بالأرض وبناها من جديد فى تاريخ ٩٧٤ ه وكتب على القطعة الرخامية التى وضعت خارج جدارها الخارجى بخط جلى مذهّب (لمولانا السلطان الملك المظفر ملك البرين والبحرين ، السلطان سليمان أعز الله نصره) ، ولما رأى محمد رائف باشا الذى عين لأمانة البناء من قبل السلطان عبد المجيد سنة ١٢٧٤ ه أن إبقاء القبة داخل مبانى حرم السعادة مضرا ، رفع تلك القبة من ساحة الحرم الشريف الرملية وأخرجها إلى خارج الجدار الشامى كما ذكر فى الصورة الثالثة من هذه الوجهة ، وفعلا قام بعمل مناسب. انتهى.
وقد اتسعت تلك النار واشتدت واشتعلت حتى إنها جعلت المسجد الشريف يتحول إلى بحر من شعل ولهيب حتى ظن الناس أنها ستحرق جميع حوانيت المدينة المنورة ومنازلها فهربوا إلى أماكن بعيدة ، إلا أنها لم تسر خارج المسجد.