القبلية ما عدا العقود التى تحاذى المحراب العثمانى ، ولذلك زينها كلها بقطع زجاج ملونة بمختلف الألوان وشبك طرفها الخارجى بأسلاك نحاسية ، ثم شرع فى تأسيس الرباط والمدرسة (١) سالفى الذكر وبنى مئذنة فى جهة باب الرحمة للمدرسة كما بنى حماما وعمارة وسبيلا وطاحونة (٢) ومخبزا ومطبخا للدشيشة (٣) ووكالة ، وأتم كل هذه الإنشاءات فى سنة ٨٨٨ ه وأبلغ الأمر إلى مصر وعرضه ، وعاد ولكن السلطان قايتباى قد أبلغ أن تزيينات مسجد السعادة الداخلية وتذهيباته ليست منسقة وجميلة فأرسل فى سنة ٨٨٩ ه بعض النقاشين والرسامين من مهرة العمال والأشياء اللازمة لذلك فزينوا داخل الحرم الشريف فى صورة غاية فى جمال الصنعة ، وأرسل من مصر مصاحف شريفة وكتبا نادرة لتقوم مقام المصاحف المحترقة والرسائل النفيسة ، وهكذا أكمل وظائف عبوديته ، وأرسل بعد مدة لأجل الرباط سالف الذكر عشرة أعداد من القدور الكبيرة وجميع أنواع لوازم الطبخ ، وأصدر أوامر مشددة بخصوص إبطال المكوس وأنه سيبعث بدل المكوس ألف إردب من قمح لولاة المدينة سنويا كما كتب أن القمح سيرسل سنة عن طريق ينبع.
مكوس
جمع مكس وهو أخذ الخراج من الأشياء التى تباع فى الأسواق والطرق ومن الأشياء التى تخرج من المعايير وشراء شىء أقل ثمنا من الآخر ويروى أنه من مخترعات النمرود وقبله لم يكن هذه الأشياء موجودة.
وبعد ما أتم السلطان قايتباى آيات بره المشروحة ، أو لم وليمة لأهالى دار العز لم يروا مثلها من قبل ، ثم اشترى من يد السادات المنازل التى تسمى عباسا وما حولها من المساكن والبيوت وبنى مكانها الرباط والوكالة سابقتى الذكر وأوقف لأهالى المدينة ألف وخمسمائة إردب قمح سنويا واللوازم الأخرى وعين لكل
__________________
(١) واليوم تسمى هذه المدرسة «المدرسة المحمودية».
(٢) وإلى هذا الوقت لم يكن فى المدينة حمام ولا طاحونة.
(٣) حساء يصنع بطحن القمح فى طاحونة يدوية وهو يصنع من القمح المكسر مثل البرغل.