والبركة ، وكما أحسنت إلى أهل مكة فألق ببركتك لمد سكان المدينة وصواعهم وضاعف قليلهم وكثيرهم ضعفين ، يا رب كل من يقصد أهل المدينة بالسوء فألجه وأذبه كما يذيب الماء الملح (١)» «حديث شريف» هذه الرواية منقولة عن أبى هريرة بالتواتر.
نقل علة الحمى خارج المدينة المنورة
تعرض بعض أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم فى ابتداء الهجرة المستلزمة للحكمة لعلة الحمى واشتكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فصعد شافى الأمة من أدوائها ـ عليه أجمل التحية ـ المنبر وقال : «اللهم أنقل عنا الوباء» وبهذا الدعاء رجا من الله ـ سبحانه وتعالى ـ الحكيم المطلق العلة إلى نقل العلة إلى أو إلى أماكن أخرى وفى الغد قال : قد جاءتنى الليلة عجوز فى ملابس سوداء وقالت لى : إن العلة التى دعوت لنقلها هذه هى فأين تريد أن أنقلها من المدينة المنورة؟ فأجبتها ، أن تنقلها إلى «خم» وبهذا أخبر بأن علة الحمى قد نقلت إلى موقع «خم» وبعده بيوم مثل أحد أبناء السبيل أمامه آتيا من جهة مكة ، فسأله قائلا : من الذى قابلته فى الطريق؟ فأخذ الرد الذى يقول «لم أقابل أحدا غير عجوز منكوشة الشعر فى ملابس سوداء» فقال المطلع على السرائر ـ عليه سلام الله القادر ـ إن تلك العجوز علة الحمى وإنها لن تستطيع أن تعود إلى المدينة مرة أخرى.
وهكذا نقل ما جرى ، وعلى هذا فعلة الحمى بين حرات قريضة وعريض ، اللهم أحمنا فى المدينة وأنقل حماها إلى مهيعة (١)! وإذا بقى منها شىء أبقه خلف مشعط (٢) ، وقال إذا كان فى جزء من المدينة وباء فهو فى «ظل مشعط» (٣) وكل من شرب ماء فى جحفة بعد هذا الدعاء تعرض للحمى ، وكل طائر طار من فوق نواحى هذه القرية أصيب بمرض ووقع على الأرض.
وجاء فى سيرة ابن هشام ، أن تلك الأحاديث تومئ إلى أنه قد ظل فى المدينة نوع من المرض قليل الخطر وهو المرض الذى فى المدينة الآن ، ولكن هذا المرض
__________________
(١) تقدم تخريج هذه الأخبار.
(١) تقدم تخريج هذه الأخبار.
(٢) مهيعة اسم آخر للجحفة.
(٣) مشعط على وزن مرفق اسم قلعة فى بلاد بنى هذيل وفى الجانب الغربى من مسجدهم وبالقرب من «بقيع الغرقد».