أشرف على الانهيار ، وخصص بعد ختام هذه الأعمال صرة سلطانية تحتوى على أربع وأربعين قطعة ذهبية على أن يكون أحد عشر ألف دينار منها لأهل مكة وباقيها لسكان دار السكينة المدينة المنورة ، وذلك كل سنة ، كما عين بعد ذلك لجيران رسول الله أربعة آلاف إردب قمحا وللحجاج الذين انقطع بهم الطريق خمسمائة إردب قمحا وذلك فى سنة (٩٨٦ ه) وكانت هذه الذخيرة ترسل من مصر إلى ينبع ومن هناك إلى المدينة المنورة وتوزع على الأهالى المحتاجين وتقسم عليهم.
وقد جدد السلطان المشار إليه فى سنة ٩٨٨ ه مطبخ الدشيشة «وهى عبارة عن نوع من الحساء المصنوع من القمح المدشوش» وسر خدمته بإعطائهم قطعة ذهبية يوميا كما سر طباخيه بإعطائهم إردب قمح فوق القطع الذهبية ؛ وذلك فى سنة ٩٨٨ ه.
وعانى فى هذه الفترة أهالى المدينة فى محلاتهم مضطربين من العطش ، ولما أبلغ الكيفية إلى مسامع السلطان أسس فى القرب من باب المضر سبيلا وخصص لكل واحد من خدمه ونظاره مقدار ستين درهما من النقود وعين لهم سنويا خمسين اردبا قمحا لكل واحد منهم وأمر أن يملأ هذا السبيل يوميا بواسطة السقائين ليروى عطاشى المسلمين وذلك فى عام ٩٩٠ ه.
وبعده بعام خصص لأغوات الحرم الشريف (حب الجراية) يوميا كما خصص لعبيد عين الزرقاء (حب الجراية) (١) يوميا وعين لفقراء المجاورين والعلماء الصالحين ألف إردب حنطة سنويا وكان ذلك فى سنة ٩٩١ ه عندما كان عدد أغوات الحرم الشريف سبعة وخمسين وعبيد عين الزرقاء سبعة عشر نفرا.
وكان المسجدان الشريفان اللذان لأبى بكر الصديق وعلى بن أبى طالب رضى الله عنهما ـ أشرفا على الخراب وحرم الزوار الكرام من شرف زيارتهما ،
__________________
(١) كان يطلق على الخبز المصنوع من الحبوب المرسلة من مصر حب الجراية.