فرقة واحدة؟
وهل يتصوّر منه إلاّ تعيين الفرقة الناجية؟
وفعلا ... عيّن الفرقة الناجية ...
عيّنها بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح ، من ركب فيها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق ».
فالفرقة الناجية من الأمة هي الراكبة في سفينة أهل البيت.
فمن الرّاكب في هذه السفينة؟
هل الذين قتلوا أهل البيت وأهانوهم وأعرضوا عن أقوالهم ، أو الذين أخذوا عنهم معالم الدين ، وتابعوهم في الأصول والفروع ، وتفانوا من أجلهم وضحّوا في سبيلهم؟
لم يتمكّن أهل السنّة ـ إلاّ الشاذّ النادر منهم ـ من إنكار أصل حديث السفينة وصدوره من النبي الكريم ... كما لا رواج لمناقشة بعضهم في دلالته في سوق الاعتبار عند أهل النظر ... ولأجل ما ذكرنا ... عمد بعضهم كابن حجر المكي وعبد العزيز الدهلوي إلى دعوى أن أهل السنة هم الشيعة لأهل البيت ، ولكنها دعوى تضحك الثكلى كما لا يخفى.
هذا ، ولو لا ثبوت هذا الحديث ودلالته الواضحة على حكم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيه بالنجاة على الفرقة التي تتمسك بأهل البيت عليهمالسلام ، وبالهلاك على كلّ فرقة تخالفهم في الأصول والفروع ... لما كان ذاك الاهتمام البالغ من سيدنا أبي ذر رضياللهعنه ـ هذا الشيعي المتفاني في سبيل أمير المؤمنين عليهالسلام ، الذي يدور الحق معه حيثما دار ولا يفترقان ـ بنشر هذا الحديث ، وإذاعته بين المسلمين ، وإعلامه بسماعه من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم آخذا بباب الكعبة ، معرّفا بنفسه إلى الناس ، رافعا عقيرته قائلا : « أيها النّاس ، من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا جندب بن جنادة ... إني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول ...