ثم اجتمع في تلك الصورة وفيها هيئة نبينا صلّى الله عليه وسلّم فقال له الله تعالى : أنت المختار وعندك مستودع الأنوار ، وأنت المصطفى المنتخب الرضا المنتجب المرتضى ، من أجلك أضع البطحاء وأرفع السماء وأجري الماء وأجعل الثواب والعقاب والجنة والنار ، وأنصب أهل بيتك علما للهداية وأودع أسرارهم في سري بحيث لا يشكل عليهم دقيق ولا يغيب عنهم خفي ، وأجعلهم حجتي على بريتي والمنبهين على قدري والمطلعين على أسرار خزائني.
ثم أخذ الحق سبحانه عليهم الشهادة بالربوبية والإقرار بالوحدانية في مكنون علمه ، ونصب العوالم وموج الماء وأثار الزبد وأهاج الدخان ، فطفى عرشه على الماء ، ثم أنشأ الملائكة من أنوار أبدعها وأنواع اخترعها ، ثم خلق الأرض وما فيها.
ثم قرن بتوحيده نبوة نبيّه محمّد صلّى الله عليه وسلّم وصفيّه ، وشهدت السماوات والأرض والملائكة والعرش والكرسي والشمس والقمر والنجوم وما في الأرض له بالنوبة ، فلمّا خلق آدم أبان للملائكة فضله وأراهم ما خصه به من سابق العلم وجعله محرابا وقبلة لهم وسجدوا له ، ثم بيّن لآدم حقيقة ذلك النور ومكنون ذلك السر ، فلما حانت أيامه أودعه شيئا ، ولم يزل ينقل من الأصلاب الفاخرة إلى الأرحام الطاهرة إلى أن وصل عبد المطلب ثم إلى عبد الله ثم إلى نبيه صلّى الله عليه وسلّم ، فدعا الناس ظاهرا وباطنا وندبهم سرا وعلانية ، واستدعى الفهوم إلى القيام بحقوق ذلك السر المودع في الذر قبل النسل ، فمن وافقه قبس من لمحات ذلك النور واهتدى إلى السر وانتهى إلى العهد المودع ، ومن غمرته الغفلة وشغلته المحنة فاستحق البعد.
ثم لم يزل ذلك النور ينتقل فينا ويتشعشع في غرائزنا ، فنحن أنوار السماوات والأرض وسفن النجاة ، وفينا مكنون العلم وإلينا مصير الأمور وبمهديّنا تقطع الحجج خاتمة الأئمة ومنقذ الأمة ومنتهى النور ، فليهن من استمسك بعروتنا وحشر