يزيد بن معاوية : « قال أحمد بن حنبل بكفره ، وناهيك به ورعا وعلما يقضيان بأنه لم يقل ذلك إلاّ لقضايا وقعت منه صريحة في ذلك ثبتت عنده وإن لم تثبت عند غيره كالغزالي فإنه أطال في ردّ كثير ممّا نسب إليه كقتل الحسين ، فقال : لم يثبت من طريق صحيح أنه قتله ولا أمر بقتله ، ثم بالغ في تحريم سبّه ولعنه.
وكابن العربي المالكي فإنه نقل عنه ما يقشعر منه الجلد ، إنه قال : لم يقتل يزيد الحسين إلاّ بسيف جدّه ، أي : بحسب اعتقاده الباطل أنه الخليفة والحسين باغ عليه والبيعة سبقت ليزيد ، ويكفي فيها بعض أهل الحل والعقد وبيعته كذلك ، لأن كثيرين أقدموا عليها مختارين لها ، هذا مع عدم النظر إلى استخلاف أبيه له ، أما مع النظر لذلك فلا يشترط موافقة أحد من أهل الحل والعقد على ذلك ».
وفيه أيضا « وقول بعضهم ـ لا ملام على قتلة الحسين ، لأنهم إنما قتلوه بسيف جدّه الآمر بسلّه على البغاة وقتالهم ـ لا يعوّل عليه ».
وقال المناوي : « قيل لابن الجوزي (١) ـ وهو على الكرسي [ على كرسي الوعظ ] ـ كيف يقال يزيد قتل لحسين وهو بدمشق والحسين بالعراق؟ فقال :
سهم أصاب وراميه
بذي سلم |
|
من بالعراق ،
لقد أبعدت مرماكا |
__________________
(١) وهو : الحافظ أبو الفرج عبد الرحمن بن علي البغدادي المتوفى سنة ٥٩٧ ، من كبار علماء القوم في الحديث والفقه والتفسير والتاريخ وله في هذه العلوم وغيرها مصنفات. منها : كتاب ( الرد على المتعصب العنيد المانع من لعن يزيد ) قال في أوله : « سألني سائل في بعض مجالس الوعظ عن يزيد ابن معاوية ، وما فعل في حق الحسين ، وما أمر به من نهب المدينة. فقال لي : أيجوز أن يلعن؟ فقلت : يكفيه ما فيه والسكوت أصلح. فقال : قد علمت أن السكوت أصلح ، ولكن هل تجوز لعنه؟ فقلت : قد أجازها العلماء الورعون منهم الامام أحمد بن حنبل.
فبلغ كلامي هذا الى شيخ قد قرأ أحاديث مروية ، ولم يخرج من العصبية العامية ، فأنكر ذلك وصنف جزء لينتصر فيه ليزيد. فحمله الى بعض أصحابي وسألني الرد ... ».
قلت : وهذا الشيخ هو عبد المغيث بن زهير الحنبلي ، وهو الذي رد عليه ابن الجوزي بكتاب آخر سماه ( آفة اصحاب الحديث في الرد على عبد المغيث ) في مسألة صلاة أبي بكر بالناس في مرض رسول الله ٦. وقد نشرنا هذا الكتاب لأول مرة مع مقدمة وتعاليق كثيرة.