التعظيم ، وزعموا أنه لا يجوز صيامه لأجل قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما فيه ، وقالوا : ينبغي أن تكون المصيبة فيه عامة لجميع الناس لفقده فيه ، وأنتم تتخذونه يوم فرح وسرور ، وتأمرون فيه بالتوسعة على العيال والنفقة الكثيرة والصدقة على الفقراء والضعفاء والمساكين ، وليس هذا من حق الحسين رضياللهعنه على جماعة المسلمين.
وهذا القائل خاطئ ومذهبه قبيح فاسد ، لأن الله تعالى اختار لسبط نبيّه صلّى الله عليه وسلّم الشهادة في أشرف الأيام وأعظمها وأجلها وأوقعها [ ارفعها ] عنده ، ليزيده بذلك رفعة في درجاته وكراماته مضافة إلى كرامته ، وبلغه منازل الخلفاء الراشدين الشهداء بالشهادة ، ولو جاز أن نتخذ يوم موته [ يوم ] مصيبة لكان يوم الإثنين أولى بذلك ، إذ قبض الله تعالى نبيه [ محمدا ] صلّى الله عليه وسلّم فيه ، وكذلك أبوبكر الصديق رضياللهعنه قبض فيه ، وهو ما روى هشام ابن عروة عن عائشة رضي الله عنهما قالت : قال أبوبكر رضياللهعنه : أي يوم توفي النبي صلّى الله عليه وسلّم فيه؟ قلت : ويوم الاثنين ، قال رضياللهعنه : إني أرجو أن أموت فيه ، فمات رضياللهعنه فيه ، وفقد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وفقد أبي بكر رضياللهعنه أعظم من فقد غيرهما ، وقد اتفق الناس على شرف يوم يوم الإثنين ، وفضيلة صومه وأنه تعرض أعمال العباد فيه ، وفي يوم الخميس ترفع الأعمال [ أعمال العباد ].
[ و ] كذلك يوم عاشوراء لا يتخذ يوم مصيبة ، ولأن يوم عاشوراء إن اتخذ يوم مصيبة ليس بأولى من أن يتخذ يوم فرح وسرور لما قدمنا ذكره وفضله ، من انه [ يوم ] نجّى الله تعالى فيه أنبياءه من أعدائهم وأهلك فيه أعداءهم الكفار من فرعون وقومه وغيرهم وأنه تعالى خلق السماوات والأرض والأشياء الشريفة فيه وآدم عليهالسلام وغير ذلك ، وما أعدّ الله تعالى لمن صامه من الثواب الجزيل والعطاء الوافر وتكفير الذنوب وتمحيص السيئات ، فصيام [ فصار ] عاشوراء بمثابة بقية الأيام الشريفة كالعيدين والجمعة وعرفة وغيرهما.