الصحابة وزهّادهم ، أسلم قديما بمكة ، ويقال كان خامسا في الإسلام ، ثمّ انصرف إلى قومه فأقام عندهم إلى أن قدم المدينة على النبي صلّى الله عليه وسلّم بعد الخندق ، ثم سكن الربذة إلى أن مات بها سنة اثنين وثلاثين في خلافة عثمان ، وكان يتعبد قبل مبعث النبي صلّى الله عليه وسلّم ، روى عنه خلق كثير من الصحابة والتابعين.
« أنه قال » أي أبوذر و « هو آخذ » أي متعلق « بباب الكعبة » ، قال الطيبي :
أراد الراوي بها مزيد توكيد لإثبات هذا الحديث ، وكذا أبوذر اهتم بشأن روايته فأورده في هذا المقام على رءوس الأنام ليتمسكوا به « سمعت النبي » وفي نسخة صحيحة : رسول الله صلّى الله عليه وسلّم « يقول : ألا إنّ مثل أهل بيتي » بفتح الميم والمثلثة ، أي شبههم« فيكم مثل سفينة نوح » أي في سببية الخلاص من الهلاك إلى النجاة« من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك » فكذا من التزم محبتهم ومتابعتهم نجا في الدارين ، وإلاّ فهلك فيهما ولو كان يفرق المال والجاه أو أحدهما. « رواه أحمد » وكذا الحاكم لكن بدون لفظ « إنّ ».
قال الطيبي : وفي رواية أخرى لأبي ذر يقول : من عرفني فأنا من قد عرفني ومن أنكرني فأنا أبوذر ، سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول : ألا إن مثل أهل بيتي ، الحديث. أراد بقوله : فأنا من قد عرفني ، وبقوله : فأنا أبوذر ، أنا المشهور بصدق اللهجة وثقة الرواية ، وإن هذا الحديث صحيح لا مجال للرد فيه. وهذا تلميح إلىما روينا عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول : لا أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق من أبي ذر، وفي رواية لأبي ذر : من ذي لهجة أصدق ولا أوفى من أبي ذر شبه عيسى بن مريم ، فقال عمر بن الخطاب ـ كالحاسد! ـ يا رسول الله! أفتعرف ذلك له؟ قال : أعرف ذلك فاعرفوه! أخرجه الترمذي وحسّنه الصغاني في كشف الحجاب » (١).
__________________
(١) المرقاة في شرح المشكاة ٥ / ٦١٠.