كلام ابن حجر هنا ليتم المرام ، وهذا نصه :
« سلّمنا انه أولى ، لكن لا نسلّم أن المراد أنه أولى بالامامة ، بل بالاتباع والقرب منه ، فهو كقوله تعالى : ( إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ ).
ولا قاطع بل ولا ظاهر على نفي هذا الاحتمال ، بل هو الواقع ، إذ هو الذي فهمه أبو بكر وعمر ، وناهيك بهما في الحديث ، فإنهما لمّا سمعاه قالا له : أمسيت يا ابن أبي طالب مولى كل مؤمن ومؤمنة. أخرجه الدارقطني.
وأخرج أيضا إنه قيل لعمر : إنك تصنع بعلي شيئا لا تصنعه بأحد من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم. فقال : إنه مولاي ».
فنحن ندين هؤلاء من أفواههم ، ونحاكمهم بما حكمت به أفهامهم ، ونؤاخذهم بما سطرته أقلامهم ، ونقول :
سلمنا أن احتمال كون المراد « الأولى بالاتباع » هو الواقع ، والدليل على ذلك فهم أبي بكر وعمر ، لأن فهمهما في الحديث حجة!! فما معنى هذه الأولوية بالاتباع التي حملت عمر على أن يصنع بأمير المؤمنين عليهالسلام ما لم يكن يصنعه بأحد من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، من التقديم والتكريم والاحترام والتبجيل حتى تعجّب الناس وسألوه عن ذلك فأجاب بـ « إنه مولاي »؟
إنه يكون معنى حديث الغدير بحسب فهم أبي بكر وعمر : من كنت أولى بالاتباع بالنسبة إليه فعلي الأولى بالاتباع بالنسبة إليه ... أي : إن عليا يقوم مقام النبي في الأولوية بالاتباع ... ومعنى هذه الأولوية موجود في القرآن الكريم قال الله تعالى : ( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ... ) وقال عزّ من قائل : ( وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ).
وهل هذا المعنى إلاّ الأولوية بالتصرف؟
وهل هذه الأولوية إلاّ الولاية العامّة؟
وهل الولاية العامّة إلاّ الامامة؟
ثم إنه لمّا ثبت تقدّم أمير المؤمنين عليهالسلام على عمر بن الخطاب ثبت