كثيرة ، ولم يرو في شيء منها أن الصحابة هنئوه بما قال فيه.
ولو كان المراد مجرّد كونه ناصرا أو محبا أو محبوبا ، لزم أن يكون هذا أعظم فضائل الامام عليهالسلام ، لكن هناك فضائل ومناقب رواها الثقات هي أعظم من هذه المعاني والمناقب قطعاً. فالمراد إذن معنى آخر وراء هذه المعاني ، وليس إلاّ الولاية في التصرف.
فإن قيل : المراد هي المحبوبية المطلقة ، فالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد أثبت وأوجب لعلي عليهالسلام يوم الغدير المحبوبية المطلقة مثل المحبوبية المطلقة الحاصلة لنفسه ، وهذه مرتبة جليلة جدّا ولذا هنأه الشيخان بها.
قلنا : إن هذه المحبوبية المطلقة المساوية للمحبوبية المطلقة للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم تثبت العصمة والأفضلية له على سائر الصحابة ، لعدم الشك في أن محبوبيتهم ليست على حد محبوبية النبي. وحينئذ يثبت المطلوب وهو الامامة والخلافة لأمير المؤمنين بلا فصل.
ولقد ثبت أن هذه التهنئة كانت من غير الشيخين أيضا ، فقد هنأه يوم الغدير سائر الصحابة ، بل أزواج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أيضا ، كما لا يخفى على من راجع ( مرآة المؤمنين ) و ( معارج النبوة ) وغيرهما.
وقد نقل في ( معارج النبوة ) عن ( روضة الصفا ) و ( حبيب السير ) أنه قد نصب لعلي عليهالسلام بعد خطبة الغدير خيمة جلس تحتها وأقبل القوم عليه يهنئونه بهذه المناسبة ، ثم أمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أمهات المؤمنين أن يذهبن إلى علي ويهنئنه ، وكان من جملة الأصحاب عمر بن الخطاب إذ دخل عليه فقال : بخ بخ لك ... (١).
ومن هذه الأمور أيضا يتضح أن الأمر في يوم الغدير كان عقد الامامة لعلي عليهالسلام ، وأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد أمر الحضور عنده والمثول بين يديه لأجل البيعة.
__________________
(١) معارج النبوة ٢ / ٣١٨.