إلى الطاعة فأجابوه. وقال بعض المفسرين في قوله تعالى : ( وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً ) قال في الحديث : إن أباك هو الخليفة من بعدي يا حميراء. وقالت امرأة : إذا فقدناك فإلى من نرجع؟ فأشار إلى أبي بكر. ولأنه أمّ بالمسلمين على حياة رسول الله ، والامامة عماد الدين. هذا جملة ما يتعلق به القائلون بالنصوص.
ثم تأوّلوا وقالوا : لو كان علي أول الخلفاء لا نسحب عليهم ذيل الفناء ، ولم يأتوا بفتوح ولا مناقب ، ولا يقدح في كونه رابعا كما لا يقدح في نبوة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذ كان آخرا. والذين عدلوا عن هذا الطريق زعموا أن هذا تعلّق فاسد وما يتعلّق به فاسد ، وتأويل بارد جاء على زعمكم وأهويتكم ، وقد وقع الميراث في الخلافة والاحكام مثل داود وزكريا وسليمان ويحيى ، قالوا : كان لأزواجه ثمن الخلافة ، فبهذا تعلقوا وهذا باطل إذ لو كان ميراثا لكان العباس أولى.
لكن أسفرت الحجة وجهها وأجمع الجماهير على متن الحديث من خطبته في يوم غدير خم باتفاق الجميع وهو يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه. فقال عمر : بخ بخ يا أبا الحسن لقد أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة. فهذا تسليم ورضى وتحكيم.
ثم بعد هذا غلب الهوى لحبّ الرياسة وحمل عمود الخلافة وعقود البنود وخفقان الهوى في قعقعة الرايات واشتباك ازدحام الخيول وفتح الأمصار سقاهم كأس الهوى ، فعادوا إلى الخلاف الأول ( فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ ، وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ ) » (١).
وقد أورد سبط ابن الجوزي كلام الغزالي هذا حيث قال : « وذكر أبو حامد الغزّالي في كتاب سرّ العالمين وكشف ما في الدارين ألفاظا تشبه هذا. فقال قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لعلي يوم غدير خم : من كنت مولاه فعلي
__________________
(١) سر العالمين : ٧٤.