المعلوم أنه لما توفي كان الصحابة وسائر المسلمين ثلاثة أصناف ، صنف قاتلوا معه وصنف قاتلوه ، وصنف قعدوا عنه ، هذا ، وأكثر السابقين الأولين من العقود ، وقد قيل : إن بعض السابقين الأولين قاتلوه. وذكر ابن حزم : إن عمار بن ياسر قتله أبو الغادية ، وإن أبا الغادية هذا من السابقين الأولين ، ممن بايع تحت الشجرة ، وأولئك جميعهم قد ثبت في الصحيحين أنه لا يدخل النار منهم أحد » (١).
قوله :
« ولو كان المولى بمعنى المتصرف في الأمر ، أو كان المراد بالأولى هو الأولى بالتصرف ، لكان المناسب أن يقول : اللهم أحبّ من كان تحت تصرفه وأبغض من لم يكن تحت تصرّفه ».
أقول :
هذا عجيب من فهم ( الدهلوي ) ، فأي ملازمة بين الكون تحت التصرف وبين الاطاعة والاعتقاد بالامامة؟ قد يكون مخالفو الامام الحق تحت تصرّفه بحسب نفوذ أحكامه فيهم ، لكنهم في الباطن لا يعتقدون بكونه إماما حقا ، بل قد يتظاهرون باعتقادهم لكن لا مناص لهم من الكون تحت تصرّفه ، كما هو الشأن في قضية أهل الذمة ، فإنهم واقعون تحت تصرّف النبي أو الامام مع عدم الاعتقاد بنبوته أو إمامته.
إذن ، لا ملازمة بين الأمرين حتى يستحقّ من كان تحت التصرّف للدعاء المذكور ، نعم من كان كذلك مع الاعتقاد بالامامة ووجوب الطاعة يستحقّه بلا ريب ، فظهر أنّ المناسب ما كان لا ما توهّمه ( الدهلوي ).
قوله :
« فذكر محبته ومعاداته دليل صريح على أنّ المقصود إيجاب محبته والتحذير من معاداته لا التصرف وعدم التصرف ».
__________________
(١) منهاج السنة ٤٠ / ١٦.