وأما الثاني فقد ذكره القاضي عبد الجبار عن بعضهم ، واختاره يوسف الأعور الواسطي حيث قال : « الرابع : قول النبي صلّى الله عليه وسلّم : من كنت مولاه. قلنا : لا دلالة في هذا الحديث على إمامة علي ، لأنه جاء لسبب نزاع زيد ابن حارثة عند النبي صلّى الله عليه وسلّم مع علي حين قال : أتنازعني وأنا مولاك؟ فشكى ذلك إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم : من كنت مولاه فعلي مولاه ، ولا شك أن أقارب الإنسان موالي عتيقه ... » (١).
وكأن ابن روزبهان علم بأن هذه الأسباب مخترعة ، وأنها على فرض صحتها لا تنافي مطلوب أهل الحق من حديث الغدير ، فلذا أعرض عن ذكرها وذكر سببا آخر يغايرها فقال : « إن واقعة غدير خم كان في مرجع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عام حجة الوداع ، وغدير خم محل افتراق قبائل العرب ، وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم يعلم أنه آخر عمره وأنه لا يجتمع العرب بعد هذا عنده مثل هذا الاجتماع ، فأراد أن يوصي العرب بحفظ محبة أهل بيته وقبيلته ، ولا شك أن عليا كرم الله وجهه كان بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سيد بني هاشم وأكبر أهل البيت ، فذكر فضائله وساواه بنفسه في وجوب الولاية والنصرة والمحبة ، ليأخذه العرب سيدا ويعرفوا فضله وكماله » (٢).
قلت : وإذا كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد « ساواه بنفسه في وجوب الولاية والنصرة والمحبة » فهل لأحد أن يدعي التقدّم عليه لأحد في هذه الأمور وغيرها؟ إن هذا الكلام يفيد أفضلية أمير المؤمنين ممن تقدّم عليه ، والأفضلية دليل الأحقية بالامامة والخلافة.
وكذا قوله : « ليأخذه العرب سيدا ويعرفوا فضله وكماله » فليتأمل.
__________________
(١) رسالة يوسف الأعور في الرد على الامامية ـ مخطوط.
(٢) إبطال الباطل لابن روزبهان الشيرازي ـ مخطوط.