عليه الصلاة والسلام إليهما ، وعلى صاحبهما البذل ، ويفدي بمهجته مهجة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وأنه لو قصده عليه الصلاة والسلام ظالم لزم من حضره أن يبذل نفسه دونه.
وهو استنباط واضح ، ولم يذكر النبي عند نزول هذه الآية ماله في ذلك من الحظ ، وإنما ذكر ما هو عليه فقال : وأيكم ما ترك دينا أو ضياعا فادعوني فأنا وليه وترك حظه فقال : وأيّكم ما ترك مالا فليورّث عصبته من كان » (١).
وقال البدر العيني بشرح قوله صلّى الله عليه وسلّم : وأنا أولى به في الدنيا والآخرة :
« يعني أحقّ وأولى بالمؤمنين في كلّ شيء من أمور الدنيا والآخرة من أنفسهم ولهذا أطلق ولم يعين ، فيجب عليهم امتثال أوامره واجتناب نواهيه » (٢).
وقال الشهاب القسطلاني في كتاب التفسير : ( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ ) في الأمور كلها من أنفسهم ، من بعضهم ببعض ، في نفوذ حكمه ووجوب طاعته عليهم. وقال ابن عباس وعطا : يعني إذا دعاهم النبي صلّى الله عليه وسلّم ودعتهم نفوسهم إلى شيء ، كانت طاعة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أولى بهم من طاعة أنفسهم انتهى. وإنما كان ذلك لأنه لا يأمرهم ولا يرضى إلاّ بما فيه صلاحهم ونجاحهم بخلاف النفس. وقوله : النبي ... إلى آخره ثابت في رواية أبي ذر فقط.
... عن أبي هريرة رضياللهعنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال : ما من مؤمن إلاّ وأنا أولى الناس به. أي أحقّهم به في كل شيء من أمور الدنيا والآخرة ، وسقط لأبي ذر لفظ الناس. اقرءوا إن شئتم قوله عز وجل : ( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) استنبط من الآية أنّه لو قصده عليهالسلام ظالم وجب على
__________________
(١) شرح الاحكام ـ كتاب الفرائض.
(٢) عمدة القاري ١٩ / ١١٥.