وأخرج الطيالسي وابن مردويه عن أبي هريرة قال : كان المؤمن إذا توفي في عهد رسول الله فأتى به النبي سأل : هل عليه دين؟ فإن قالوا : نعم قال : هل ترك وفاء لدينه؟ فإن قالوا : نعم ، صلّى عليه. وإن قالوا : لا قال : صلّوا على صاحبكم ، فلما فتح الله علينا الفتوح قال : أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن ترك دينا فإليّ ومن ترك مالا فللوارث.
وأخرج أحمد وأبو داود وابن مردويه عن جابر رضياللهعنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه كان يقول : أنا أولى بكل مؤمن من نفسه فأيّما رجل مات وترك دينا فإليّ ومن ترك مالا فهو لوارثه.
وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي عن بريدة رضياللهعنه قال : غزوت مع علي اليمن فرأيت منه جفوة ، فلمّا قدمت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذكرت عليا فتنقّصته ، فرأيت وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تغيّر وقال : يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت : بلى يا رسول الله. قال : من كنت مولاه فعلي مولاه » (١).
ومن حديثه الأخير أيضا ـ بالخصوص ـ يظهر أنّ المعنى المقصود من « ألست أولى ... » هو نفس معنى الآية الكريمة : ( النَّبِيُّ أَوْلى ... ) وإلاّ لما ذكر السيوطي هذا الحديث في ذيل الآية المذكورة.
فظهر بطلان منع ( الدهلوي ) كون معنى « ألست أولى بالمؤمنين ... » الأولوية بالتصرف في كلّ شيء من كلمات : الواحدي ، والبغوي ، والزمخشري ، والبيضاوي ، والخوئي ، والنسفي ، والنيسابوري ، والعراقي ، والعيني ، والقسطلاني ، والمناوي ، والعزيزي ، والشر بيني.
بل إنّ الكابلي أيضا لم يمنع ذلك ، وإنما قال : « إن المراد بالمولى المحب والصديق. أمّا فاتحته فلا تدل على أن المراد به الامام ، لأنه إنما صدّره بها ليكون ما يلقي إلى السامعين أثبت في قلوبهم ».
__________________
(١) الدر المنثور في التفسير بالمأثور ٥ / ١٨٢.