ولولا هي لما استقامت أمور الدين والدنيا ، ولو لم يكن على دقيق حكمة الله ولطيف تدبيره دليل إلاّ أمر القلم والخط لكفى به ».
فكمال الإنسان إنما هو بالعلم ...
إنه لولا العلم لم يخش العبد ربه تلك الخشية التي يعنيها تعالى بقوله : ( إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ ).
ولولاه لم يكن « الأتقى » فيكون « الأكرم » عند الله تعالى كما قال : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ).
ومن هنا يفضّل عز وجل العالمين على من سواهم حيث يقول : ( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ ) ويأمر من لا يعلم بالرجوع إليهم والسؤال منهم حيث يقول : ( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) ولا ريب في أن الأمر بالسؤال والتعلّم والاستهداء أمر بالقبول والطاعة والإتباع ، وقد قال عز وجل أيضا : ( أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) فالسؤال يستتبع الاتباع والطاعة ، لكن الاطاعة المطلقة لا تجوز إلاّ للعالم المعصوم ، وإذا كان كذلك كان صاحب الولاية الكبرى ... قال تعالى : ( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ).
واصطفى الله تعالى محمّدا للنبوّة وبعثه بالرسالة ، وأنزل عليه الكتاب والحكمة وعلّمه ما لم يكن يعلم ، من التوراة والإنجيل ... حتى أنه ما بعث نبيّا إلاّ وهو صلىاللهعليهوآلهوسلم أعلم منه ... فلم يدّخر وسعا ولم يأل جهدا في هداية الخلق وتعليم الناس وإرشاد العباد ... مستسهلا في هذا السبيل أنواع المصاعب ، متحمّلا كلّ المشاق ، صابرا حليما ... رءوفا رحيما ... حتى قام بأبي وأمي بواجب الرسالة خير قيام ، وأدّى ما كان عليه بأحسن وجه ... وبقي ما على من حوله والمؤمنين به من بعده ... وكلامنا هنا حول الصحابة خاصة ...
إن الأخذ والتعلّم من الأستاذ ـ أي أستاذ ـ يتطلّب قبل كل شيء وبعد