٦ ـ السبكي : « الامام الجليل القدر الرفيع الشأن أبو الحسن الماوردي صاحب الحاوي ... كان إماما جليلا رفيع الشأن ، له اليد الباسطة في المذهب والتفنن التام في سائر العلوم ، قال الشيخ أبو إسحاق : درس بالبصرة وبغداد سنين كثيرة ، وله تصانيف كثيرة في الفقه والأدب ، وكان حافظا للمذهب. وقال الخطيب : من وجوه الفقهاء الشافعيين ، وله تصانيف عدة في أصول الفقه وفروعه وغير ذلك ، قال : وجعل إليه القضاء ببلدان السلطان ، وكان أحد الأئمة ، له التصانيف الحسان في كلّ فن من العلم ...
ومن كلام الماوردي الدال على دينه ومجاهدته لنفسه ما ذكره في كتاب أدب الدين والدنيا فقال : ومما أتدرك به من حالي أنّي صنّفت في البيوع كتابا جمعته ما استطعت من كتب الناس ، واجتهدت فيه نفسي وكرّرت فيه خاطري ، حتى إذا نهدت واستكمل وكدت أعجب به ، وتصوّرت أني أشدّ الناس اطلاعا بعلمه ، حضرني ـ وأنا في مجلس ـ أعرابيان فسألاني عن بيع عقداه في البادية على شروط تضمنت أربع مسائل لم أعرف لشيء منها جوابا ، فأطرقت مفكرا وبحالي وحالهما معتبرا ، فقالا : أما عندك فيما سألنا جواب وأنت زعيم هذه الجماعة؟ فقلت : لا ، فقالا : إيها لك وانصرافا ، ثم أتيا من قد يتقدّمه في العلم كثير من أصحابي فسألاه فأجابهما مسرعا بما اقنعهما ، فانصرفا عنه راضيين بجوابه حامدين لعلمه ـ إلى أنّ قال ـ فكان ذلك زاجر نصيحة وتدبر عظيمة ، تذلل لهما قياد النفس وانخفض لهما جناح العجب.
قال الخطيب : كان ثقة ... » (١) ...
__________________
(١) طبقات الشافعية للسبكي ٣ / ٣٠٣.