« ولم يزل بملازمة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يزيده الله تعالى علما حتى قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ : فيما نقله الترمذي في صحيحه بسنده عنه ـ أنا مدينة العلم وعلي بابها. فكان من غزارة علمه يذلّل جوامع القضايا ، ويوضح مشكلات الوقائع ، ويسهل مستصعب الأحكام ، فكلّ علم كان له فيه أثر ، وكلّ حكمة كان له عليها استظهار ، وسيأتي تفصيل هذا التأصيل في الفصل السادس المعقود لبيان علمه وفضله إن شاء الله تعالى ».
وقال في الفصل السادس الذي أشار اليه : « ومن ذلك ما رواه الامام الترمذي في صحيحه بسنده وقد تقدم ذكره في الاستشهاد في صفة أمير المؤمنين بالانزع البطين : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : أنا مدينة العلم وعلي بابها ، ونقل الامام أبو محمد الحسين بن مسعود القاضي البغوي في كتابه الموسم بالمصابيح إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : أنا دار الحكمة وعلي بابها. لكنّه صلّى الله عليه وسلّم خص العلم بالمدينة والدار بالحكمة لما كان العلم أوسع أنواعا وأبسط فنونا ، وأكثر تشعبا ، وأغزر فائدة ، وأعم نفعا من الحكمة ، خص الأعم بالأكبر والأخص بالأصغر. إلى آخر ما سيأتي إن شاء الله تعالى فيما بعد ».
كتاب مطالب السئول
وكتاب ( مطالب السئول ) يعدّ في الكتب الجليلة والأسفار المعتبرة ، وقد اعتمد عليه كبار العلماء في شتى كتبهم ، ولقد استند إليه واستشهد بمواضيعه محمد محبوب العالم في مواضع من تفسيره الذي أثنى عليه ( الدهلوي ) وتلميذه الرشيد وأشادوا بعظمته ووثاقته.
كما صرح ابن طلحة نفسه في صدر كتابه المذكور بثقته بأحاديث هذا الكتاب ، وقد أوردنا نص كلامه في مجلّد ( حديث الطير ).
بل صرّح في الفصل السادس ـ حيث أورد فيه حديث مدينة العلم ـ بقوله :
« لم أورد فيه ما يصل إليه وارد الاضطراب ، ولا أودعته ما يدخل عليه رائد الارتياب ، ولا ضمّنته غثّا تمجّه أصداف الأسماع ، ولا غثاء تقذفه أصناف