النقشبندية ، ولبس خرقة الصوفية ، وأجيز بالدّرس وفرغ من تحصيل العلم ، وأجازه والده بأخذ البيعة ممن يريدها وقال : يده كيده ، ثم اشتغل بالدرس نحو اثني عشرة سنة ، وحصل له فتح عظيم في التوحيد والجانب الواسع في السلوك ، ونزل على قلبه العلوم الوجدانية فوجا فوجا ، وخاض في بحار المذاهب الأربعة واشتاق إلى زيارة الحرمين الشريفين ، فرحل إليهما في سنة ١١٤٣ وأقام هناك عامين كاملين ، وتلمذ على الشيخ أبي الطاهر المدني وغيره من مشايخ الحرمين.
ومن نعم الله تعالى عليه أن أولاه خلعة الفاتحية ، وألهمه الجمع بين الفقه والحديث ، وأسرار السنن ومصالح الأحكام ، وسائر ما جاء به صلّى الله عليه وسلّم من ربه عزّ وجل ، حتى أثبت عقائد أهل السنة بالأدلة والحجج ، وطهّرها من قذى أهل المعقول ، وأعطي علم الإبداع والخلق والتدبير والتدلي مع طول وعرض وعلم استعداد النفوس الانسانية لجميعها ، وأفيض عليه الحكمة العملية وتوفيق تشييدها بالكتاب والسنة ، وتمييز العلم المنقول من المحرف المدخول ، وفرق السنة السنية من البدعة غير المرضية. انتهى.
وكانت وفاته سنة ١١٧٦ الهجرية. وله مؤلفات جليلة ممتعة يجل تعدادها منها : فتح الرحمن في ترجمة القرآن ، والفوز الكبير في أصول التفسير ، والمسوّى والمصفّى في شروح الموطإ ، والقول الجميل والخير الكثير ، والانتباه ، والدر الثمين ، وكتاب حجة الله البالغة ، وكتاب إزالة الخفا عن خلافة الخلفاء ، ورسائل التفهيمات. وغير ذلك.
وقد ذكرت له ترجمة حافلة في كتابي إتحاف النبلاء المتقين بإحياء مآثر الفقهاء والمحدثين ، وذكر له معاصرنا المرحوم المولوي محمد محسن بن يحيى البكري التيمي الترهتي رحمهالله ترجمة بليغة في رسالته اليانع الجني ، وبالغ في الثناء عليه ، وأتى بعبارة نفيسة جدا ، وأطال في ذكر أحواله الأولى والأخرى وأطاب ».