٣ ـ تصحيح نسبة الكتاب :
إن أهم ما يعترض الباحث في عصرنا هو تصحيح نسبة كتاب إلى مؤلفه ، إذ أن مجرد نسبة كتاب إلى شخص باعتبار وجود ذلك مكتوباً عليه لا يكون صحيحاً ولا مقبولاً في المنهج العلمي .
كما أن ذكر اسم الكتاب منسوباً إلى ذلك المؤلف في الفهارس والأثبات ومعاجم التراجم لا يثبت صحة نسبة هذه النسخة بالخصوص إلى ذلك المؤلف ، وإن دلت على أن ذلك المؤلّف له ما يسمى بهذا الكتاب ، لكن لا تدل على أن هذه النسخة هي بعينها ما الفه وكتبه .
وقد كان باب العلم في هذا المجال مفتوحاً أمام القدامى الذين كانوا يعتمدون طرق السماع من الشيخ أو القراءة عليه ، أو أخذ الكتب من يده مع اعترافه بضبطها وصحة نسبتها ، معنعناً إلى أن يصل سنده إلى مؤلفها مع كونه من أهل الخبرة في الفن ، فيعتمدون على أخباره ، ويسمون مثل هذه العملية بـ ه الإجازة ، وأعتقد أن عملية الإجازة إنما وُضِعَتْ لأداء مثل هذه المهمة الثمينة والضرورية ، ولكن لما انسدت أبواب العلم ، وضَعُفَتْ الهمم عن التحمل الصحيح للعلم ، فترك السماع ، وأهملت القراءة، وانقلبت الإجازة إلى عملية شكلية فاقدة لمحتواها العلمي الثمين ، يقوم بها ـ من يقوم ! ـ تبركا وتيمناً ـ كما يقولون ـ فنحن نقف من أجل إثبات صحة نسبة كتاب ما على أعتاب الحيرة ! ولولا الإجازات الموجودة على النسخ وشهادات العلماء وبلاغاتهم وخطوطهم .